التوزيع السكاني في العصور القديمة
التوزيع السكاني في العصور القديمة
من الثابت علميا وتاريخيا أن قبائل العرب السامية الأرومة كانت قد توزعت في شبه جزيرة العرب وشمال أفريقيا وغيرها على النحو التالي :
1ــ قبيلة جرهم الأولى سكنت اليمن ثم ارتحلت الى الحجاز ثم هاجرت بعض بطونها إلى شمال افريقيا واستقرت في جرمة بالجنوب الليبي
2- قبيلة عاد اقامت في حضرموت بينما استوطنت ثمود في بادية الشام
3- قبيلتا جديس وطسم قطنتا باليمامة
4- قبيلة العمالقة الكنعانية استقرت في الشام ثم انتقلت بعض افخاذها الى
شمال افريقيا
وقد قدمت إلى هذه الديار في عهد موسی ( عليه السلام ) بعض قبائل بني حمير بزعامة افريقیش بن قيس بن صيفي ، ملك التبابعة ، وتلاه ياسر ابو الأذعار على رأس قبائل السبأيين من جنوب شبه الجزيرة العربية بعد انهيار سد مأرب واقاموا في هضاب برقة والجنوب الليبي ومن آثارهم مدينة سبأ المحرفة الآن (سبها )، علما بان اخوتهم المناذرة قد سكنوا العراق ، والغساسنة استقروا بالشام
وينتسب الى هؤلاء وأولئك قبائل المشواش والجرامنت ( جرهم ) وغيرها التي وردت اسماؤها في ملاحم الأغريق والروم. بتسميات اعجمية مثل الليبو او الريبو والنسامينوس والمكای والتحنو والأسخيرى والبكائي والبسلى والمخلاى وغيرها ذات البشرة البيضاء المشوبة بسمرة والملامح العربية السامية العريقة
وقد انتقلت قبائل العمالقة من بلاد الشام في خلال عهد يشوع بن النون وانتشرت في الديار الليبية وهم الذين اطلق عليهم الإغريق اسم ( البربر ) ، ومازالوا حتي اليوم يعرفون بهذه التسمية ، ويعترفون بها . وقد نفي أكثر المستشرقين صلاتهم بالسلالة العربية الشرقية زاعمين أن لهم ، أي ( البربر ) قومية أخرى غير معروفة ) . والحقيقة التاريخية تؤكد بالدليل على أن ( البربر ) هم من نسل العمالقة من هجرة افريقش
ومع مرور السنوات والاحقاب والقرون الطويلة وفدت على الصحراء الليبية من شبه جزيرة العرب قبائل نبطية وقضاعة خلال القرن الأول الميلادي وتلتهم قبائل
ثعلبة وجذام وكهلان وبنو صخر وغيرهم
وينتمي لهؤلاء وأولئك قبائل زناتة ولطة وزويلة ولواته وصنهاجة وهوارة وبنو ورفل وبنو مصراته ومسلاته ونفوسة وغيرها
وبعد الفتح الاسلامی استقرت في الصحراء الليبية مجموعات من جند الفتح الإسلامي وقبيلة طى ، وقد اطلق على انسال هؤلاء واخلافهم اسم المرابطين باعتبارهم مرابطين على ثغور الدولة الإسلامية لدفع غزوات الروم وكيدهم .
وعلى الرغم من أن جنسية السكان الواحدة وخصائص تكوينهم برزت مسألة اختلاف اللهجات ، فكان العرب ينقسمون إلى قسمين : قسم ينطق اللغة العربية الفصحى وهو القادم مع الفتوحات الإسلامية أو بعدها ، وقسم يتكلم لغة او لهجة قديمة مثل الأواجلة واهل الجبل الغربي وزوارة والغدامسية وهي لهجة مشوبة بشيء من الاعجمية ترجع إلى عهود سحيقة . ومن هنا اطلق العربي الوافد على العربي المقيم لفظة بربري وهي الكنية التي سبق وان اطلقها من قبلهم الأغريق والروم .
وتوالت الهجرات العربية على البلاد الليبية ، ففي عهد بني أمية ثم بني العباس جاءت عمائر من كتامة وقريش من تهامة وفي عهد الفاطميين نزحت بنو سليم وبنو هلال وبنو عقبة وفزارة وغطفان . ومن بني سليم ظهرت قبائل السعادی والكعوب ، وانبثق من السعادي الجبارنة والحرابي واولاد علي وغيرهم . ومع مرور الوقت انتشرت هذه القبائل في جوف الصحراء وعلى شواطيء البحر الأبيض المتوسط وهم جميعا ينتمون إلى قحطان او عدنان او جرهم سواء منهم من سبقت هجرته الفتح الاسلامي او الذين جاؤا من بعدهم كلهم فروع لاصل واحد هو سام بن نوح .
ومما يعزز هذا القول خصائص التكوين ، فهم ، اي الليبيون ليسوا من اصل اوروبي جنوب كما يدعي المستشرقون - ولا هم من الأجناس الصفراء ، او الاجناس الأفريقية ولكنهم من اصل عربي يتميزون بسمرة البشرة المائلة إلى اللون الفاتح والقامة الطويلة او المتوسطة والملامح السامية والأنف المستقيم والشعر الأسبط
لقد كان ( البربري ) القديم اسمر البشرة المشوبة بحمرة ذا شعر اسود واحيانا ضفائر مجدولة ومنهم من كان حليق الرأس ويرسل لحيته من الذقن دون عوارض
ويرتدي رداء من الصوف او الجلد ويرصع هامته بريش النعام . ان سكان ليبيا يرتبطون بوحدة باستثناء بعض الأقليات الصغيرة انترا بولجية قبل الوحدة الترابية منذ الأزل ، ويرتبطون مع الأقليات الصغيرة غير العربية برباط اقوى وامتن وهو العقيدة الإسلامية
المصدر
الانساب العربية في ليبيا -محمد عبدالرزاق مناع -الطبعة الاولي 1971