حديث الجمعة

حديث الجمعة

حديث الجمعة
……………….
العرب هم سكان شمال افريقيا و الاندلس و لا يقصد الكاتب عجم و اعراب المشرق
يقول بيير روسي منتقدًا الغرب في تزويره لدور العرب:" إنَّنا نعرف عندما نتكلم عن الوطن العربي أننا في سبيلنا إلى معارضة نظرية مقدسة تجعل من العربي شخصية صحراوية انبثقت في التاريخ في عهد غير محدد أو معروف". نعم لم يبقَ من دور العرب في نهضة أوربا أثر، إذ نسبت العلوم والاكتشافات على يد السّراق والمزورين إلى غيرهم، فمثلاً وليم هارفي هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى وليس ابن النفيس الدمشقي المصري.
لقد تمَّ العبث بمصادر التراث العربي بعد خروج العرب المسلمين من الأندلس، فجرت عمليات نسخ وتزوير واسعة للمخطوطات الإسلامية، ثمَّ دست هذه المخطوطات المزورة في المكتبات العربية. وقد شاء الله سبحانه أن تفلت وثيقة تحكي قصّة هذا التزوير ألقى بها أحد النّساخ الذي حبسوا في إحدى قلاع الأديرة، وكلفوا بالنسخ التزويري بخطوط عربيّة للمخطوطات والكتب العربيّة، وكانوا من بعد انتهاء العملية يصفون جسديًا بالسم. حصل على هذه الوثيقة الأستاذ وليد الحجّار فضمّنها روايته المعروفة "رحلة النيلوفر أو آخر الأمويين".
نص الوثيقة:
"اعلم يا أخي أنّي عبدٌ مأمور لا حول له ولا قوة، وإنّي ما عدتُ إلى طليطلة من فاس إلا بأمر من الملك فيليب أحمل له كتبًا من خزانة السلطان، إنّ القادر الذي لا يعجزه شيء، قد شاء أن ينكشف أمر صاحبي وخليلي فأذاقه فيليب من السمّ الفاتك، الذين أتينا به من فاس حسب طلبه، وإنّي لا محالة هالك بالسمّ نفسه إنْ عاجلاً أو آجلاً، ولن أتركَ حرّاً طليقاً لأذيع خبر النسّاخ المائة والخمسين الذين أنا منهم، نعمل ليلاً نهاراً في إعادة كتابة ما لدينا من مخطوطات عربية، ولعلّ السلطان أدام الله عزّه هو الذي أمر بالقضاء علينا، بعد ما علمْنا ما أجراه النسّاخ من تعديل في مخطوطات كتاب العبر الذي حملناه معنا من خزائنه، والذي لا يحمل في الأصل كلمة بربر في عنوانه،.. اعلم يا أخي أنّ هذه شهادتي قبل أن أموت وإنّي أقسم بالله العظيم، القوي، الكريم، أنّي رأيت النسّاخ الموريسكاس يعيدون كتابة "كتاب العِبَر" وغيره فيبدّلون كلّ ذكرٍ لكلمة "إعرابي" بكلمة "عربي" في كتاب ابن خلدون، ويضيفون فصولاً بكاملها في مدح البربر حسب مشيئة السلطان وبذمّ العرب حسب ما بنفوس أصحاب الدير، ويحذفون فصولاً بكاملها في ذكر مآثر العرب مما كتبه ابن خلدون، اعلم يا أخي أنّ السمّ الذي أتينا به من فاس سيستر الحقيقة إلى الأبد عن أهل الدنيا قاطبة، واعلم أنّ هذه الورقة هي شهادتي أمام ربّي يوم الحشر، وأنّ هذا الفهرس الذي أدفن شهادتي فيه إنّما هو واحد من أربعة فهارس ضمّنتها أسماءَ ما جرى التعديل والتبديل عليه من كتب، وإنّ جميع ما يظنّ المسلمون إنّها أصولٌ محفوظة في خزائنهم إنّما هي نسخٌ زوّرت بخطّ مماثل لخطّ وتواقيع أصحابها، وأنا ومن معي من الموريسكاس الأسبان، أنا الذي أكتم إسلامي وعروبتي قد ساعدتُ في هذا العمل الكريه أسوةً بمن حولي من مسلمين غُلبوا على أمرهم نعمل سويّةً مع مولّدين يهود، وجميعنا في خدمة الإسكوريال والملك فيليب الثالث المأفون الذي قرّر طردنا جميعاً من الأندلس، ربّي اجعل من لدنك قوة تخرج هذا الفهرس من هذا الدير، سأقذف به من الفتحة هذه على أن يبقى سليمًا حتى أصل إليه أو ينقذه أحد من المؤمنين، ربّي هذه شهادتي يوم الدين، والآن أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً عبده ووليّه ورسوله".
قال وليد الحجار معلقًا على هذه الوثيقة: "هكذا تحوّل كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر بمسحة قلم، وهكذا أصبحت مقدّمة ابن خلدون التي تحتوي على صفحات في هجاء العرب. لقد زوّرت أربع نسخ من كتاب العبر! إحداها، عادت إلى مكتبة البلاط، في فاس.. والثانية وجّهت إلى جامع القيروان في تونس، أما النسختان الأخيرتان فلقد دُسّتا في دار الكتب في القاهرة! أفلا يتساءل المرء لماذا لم تُنشر المقدمة في باريس إلا عام 1841م وفي بيروت 1879م؟، وأخيرا في مصر عام 1886م أي بعد أن أتيحت لمستشرقي نابليون خلال احتلاله لمصر فرصة دسّ نسختين مزوّرتين عنها في دار الكتب في القاهرة، هل هناك من يتساءل عن أصل النسخة الموجودة في جامع القرويين؟!. إذا فليعلم السائل أن واضع الفهرس في مكتبة ذلك الجامع ليس عربيًا، بل هو (إلفريد بِل)، وأن من ساعده وأيّده في جرد محتويات تلك المكتبة لم يكن إلا رجلاً يُدعى (ليفي بروفونساك) وهو يهودي الأصل".