عروبة الامازيغ

عروبة الامازيغ

هناك من الباحثين من يرى بأن الأمازيغ من أصول مشرقية عربية حميرية هاجروا بسبب الجفاف وتغير المناخ وكثرة الحروب إلى شمال أفريقيا من اليمن والشام عبر الحبشة ومصر، فاستقروا في شمال أفريقيا وبالضبط بالمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وغرب مصر، وشمال السودان، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاصو، وجزر الكناريا، والأندلس، وجزر صقلية بإيطاليا.
وقديما قال ابن خلدون: إن الأمازيغ كنعانيون تبربروا، أي إن البربر هم أحفاد مازيغ بن كنعان. وفي هذا المقام يقول ابن خلدون:” والحق الذي لاينبغي التعويل على غيره في شأنهم؛ إنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام”. وقد قال قديما القديس الجزائري الأمازيغي أوغسطين قولة مأثورة وهي أن الأمازيغ كنعانيو الأصل:” إذا سألتم فلاحينا عن أصلهم؛ سيجيبون: نحن كنعانيون” ويؤيد هذا الطرح الباحث الفلسطيني الدكتور عزالدين المناصرة الذي أرجع الأمازيغيين وكتابتهم إلى أصول كنعانية إما فلسطينية وإما فينيقية لبنانية: ” لقد أخذت الأمازيغية نظام تربيع الحروف من هذه اللغات(يقصد اللغات السامية) كما أخذت نظام الحركات (الإشارات والتنقيط) من النظام الفلسطيني والنظام الطبراني. لكن أقرب مصدر للأمازيغية (حروف التيفيناغ التواركية) هواللغة الكنعانية الفينيقية القرطاجية. فالمصدر الأساسي للأمازيغية – إذا-ً هو الألفبائية الكنعانية التي تفرعت منها كل لغات العالم.
وقد أثرت الكنعانية مباشرة في اليونانية، ومن اليونانية، ولدت اللاتينية والسلاﭭية. فالأمازيغية لغة سامية حامية. والكنعانية هي اللغة الأولى في العالم التي مكنت الإنسان من تصوير كل صوت من أصوات اللغة برمز(المبدأ الأكروفوني). وصارت مجموعة الرموز تعكس كلمات بألفاظها وأصواتها. واحتفظ اليونانيون بأسماء الحروف الكنعانية. ولا خلاف على جغرافية بلاد كنعان فهي(فلسطين ولبنان وسوريا والأردن)، لكن فلسطين كانت هي المركز….”
ويرى الدكتور أحمد هبو أن الكتابة البربرية القديمة (تيفيناغ) استوحت مبادئها من الكنعانية الفينيقية. ولا علاقة للأمازيغية باللاتينية من قريب أو بعيد.
فالأمازيغ والعرب – في اعتقادنا – من جذور سلالية وجينيولوجية واحدة وهي الجذور الكنعانية السامية، ومن موطن واحد هو شبه الجزيرة العربية. وفي هذا السياق يقول ليون الأفريقي في كتابه ” وصف أفريقيا”:” لم يختلف مؤرخونا كثيرا في أصل الأفارقة، فيرى البعض أنهم ينتمون إلى الفلسطينيين الذين هاجروا إلى أفريقيا حين طردهم الأشوريون، فأقاموا بها لجودتها وخصبها، ويزعم آخرون أن أصلهم راجع إلى السبئيين(أي الحميريين) الذين كانوا يعيشون في اليمن قبل أن يطردهم الأشوريون أو الإثيوبيون منها، بينما يدعي فريق ثالث أن الأفارقة كانوا يسكنون بعض جهات آسيا، فحاربتهم شعوب معادية لهم، وألجأتهم إلى الفرار إلى بلاد الإغريق الخالية آنذاك من السكان، ثم تبعهم أعداؤهم إليها، فاضطروا إلى عبور بحر المورة واستقروا بإفريقيا، بينما استوطن أعداؤهم بلاد الإغريق. كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا.
أما الأفارقة السود بمعنى الكلمة فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح. ومهما اختلفت مظاهر الأفارقة البيض والسود، فإنهم ينتمون تقريبا إلى نفس الأصل، ذلك أن الأفارقة البيض، إما أتوا من فلسطين – والفلسطينيون ينتسبون إلى مصرائيم بن كوش-، وإما من بلاد سبأ، وسبأ بن هامة بن كوش-.” وعلى العموم، فالأمازيغ يشتركون مع العرب في الأصل السامي الكنعاني وفي موطن الانحدار والانطلاق الذي يتمثل في الجزيرة العربية. وهذا الرأي هو أقرب إلى الصواب في رأينا المتواضع، وبعد ذلك تفرق سكان الجزيرة العربية شذر مذر لأسباب مناخية واجتماعية ودينية، وأيضا بسبب الحروب والنزاعات الفردية والجماعية وبسبب الفتوحات والهجرات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.