......................................

هذا ويعلل بعض المؤرخين ، سبب خروج فرسان القديس يوحنا من طرابلس ثم خضوعها للحكم العماني بأن وفدا من أهالي بلدة تاجوراء ذهب إلى دار الخلافة طالبا من السلطان العثماني نجدتهم وبأن السلطان استجاب لهذا النداء فأرسل معهم مراد آغا واليا على البلاد

ولكن المتبع لتطورات الظروف السياسية في القرن السادس عشر ، يری أن مجيء العثمانيين إلى طرابلس كان شيئا لا بد منه نتيجة لذلك الصراع البحري الذي كان يسود البحر الأبيض المتوسط في القرن السادس عشر بين القوة الاسلامية متمثلة في الدولة العثمانية وبين القوة المسيحية

متمثلة في الدولة الاسبانية كما كان مجيء العثمانيين إلى طرابلس خطوة تالية بعد أن تم لهم الاستيلاء على مصر سنة 1017م. من بد الماليك وورثوا امبراطوريتهم وبعد أن امتد نفوذهم بصفة رسمية على الجزائر سنة 1018م أي أن استيلاء العثمانيين على طرابلس بمثل اتمام الحلقة في أملاك الدولة العثمانية التي أخذت تتسع في الشمال الإفريقي . غير أن استغاثة الوفد الطرابلسي عجلت بتحقيق ذلك .

جاء مراد آغا إلى طرابلس في صحبة عدد قليل من الجند العثماني واتجه فور وصوله إلى بلدة تاجوراء . وأخذ يعمل على تخليص البلاد من بد فرسان القديس يوحنا ، ولما رأي أن قواته قليلة وأنه في حاجة إلى مزيد من العتاد والقوة ، بادر بطلب المساعدة

من الدولة العثمانية وبذلك استطاع الأسطول العثماني بقيادة سنان باشا ومساعده درغوت بك الاستيلاء على المدينة ، وأصدر السلطان فرمانا بتولية مراد أغا واليا على البلاد استلم مراد أغا ولاية طرابلس الغرب ، فأولى كامل اهتمامه إلى تقوية البلاد من الناحية الدفاعية لصد أي هجوم مباغت يقوم به الأعداء وسرعان ما تحقق ما كان يخشاه اذ حاول فرسان القديس يوحنا النزول في بلدة زواره ولكن مراد أغا تصدى لهم بقواته التي استطاعت أن تنتصر عليهم ، ولكن هذا الانتصار لم يضع نهاية لهذه المحاولات ففي عهد درغوت باشا الذي خلف مراد أغا في حكم طرابلس سنة

964 ه ( 1556 م ) حاول فرسان القديس يوحنا الاستيلاء على المدينة من جديد ولكنهم فشلوا کما فشلوا في تحقيق ذلك من قبل لقد عرفت البلاد في عهد درغوت باشا نوعا من التحصينات الدفاعية كانت أشد قوة ومناعة عما كانت عليه قبل ذلك ، كما عرفت البلاد في عهده أيضا طبقة اجتماعية جديدة ألا وهي طبقة (الكول أو غليه)أو كما يطلق عليه حاليا اسم (الكراغلة ) ، فحينما حضر درغوت باشا إلى طرابلس أحضر معه عدة آلاف من جند الانكشارية أو ( العساكر اليكيجرية ) و باقامة هؤلاء الجند بين الأهالي ومصاهرتهم لهم تكونت تلك الطبقة التي أطلق عليها اسم الكول أو غليه ولقد كان لهذه الطبقة أثر واضح في تاریخ البلاد فيما سيلي سرده في المنشورات القادمة .