معركة الشقيقة

معركة الشقيقة

معركة الشقيقة المعركة التي قتل فيها أكثر من 4000 جندي إيطالي
احتل الايطاليون ترهونة للمرة الأولى عقب معاهدة أوشي لوزان بين إيطاليا وتركيا في يوم 18 ديسمبر 1912 وظلت حاميتهم مقيمة بها إلى أن اندلعت ثورة استرداد المناطق يوم 29 ابريل 1915 والتي قاتلت فيها قبائل ترهونة تحت قيادة المجاهد الساعدي بن سلطان الصالحي حيث ارتفعت الروح المعنوية لليبيين في جميع المناطق وقاموا بمعارك باسلة استردوا فيها كل مناطقهم المحتلة في الدواخل والجبل الغربي والجبل الأخضر بلا استثناء وبقيت القوات الايطالية في بعض المدن المحصنة في الساحل. ونتيجة لمعركة القرضابية سجلت انتصارات باهرة ضد الايطاليين ولا يعرف في سجلات مركز جهاد الليبيين حتى الآن هزيمة نكراء أكبر من هزيمتهم وسحقهم في معركة الشقيقة والتي تعرف عند أهل ترهونة بهذا الاسم....... وقد كان للمجاهد سويدان الحاتمي من (قبيلة الحواتم) دور المخادع للقوة الايطالية وتحقيق الانتصار في معركة الشقيقة......
حوصرت الحامية الايطالية المتمركزة في ترهونة بكاملها مما دفع الحكومة الايطالية إلى محاولة إنقاذها وفك الحصار عنها وسحبها إلى الساحل وعمدت القيادة الايطالية إلى إعداد قوة كبيرة بقيادة الكولونيل روستي في محاولة لدعم الحامية المذكورة وتزويدها بالإمدادات والتموين بعد أن انقطعت عنها كل سبل الاتصال وقد خرجت هذه القوة الكبيرة من العزيزية يوم 12 مايو1915 متجهة نحو ترهونة لفك الحصار عن الحامية المذكورة ولكنها أوقفت في اليوم التالي 13-5-1915 في سيدي بوعرقوب ( الرقيعات) و(فم ملغة) واضطرت إلى الانسحاب من شدة المواجهات وتكبدت خسائر فادحة وأسر فيها 200 أسير ايطالي، وقد هبت قوة أخرى من العزيزية لنجدتها بقيادة كولونيل آخر وهو بيليا وقد تمكن هذا من الوصول إلى ترهونة يوم 16-5-1915 إلا أن قافلة الإمداد التابعة له قد انفصلت عنه مما زاد عدد أفراد القوات الايطالية المحاصرة على الحامية الأصلية فبعد أن انفصلت قافلة الإمدادات التابعة لقوة الكولونيل بيليا والتي وصلت إلى ترهونة ولم تتمكن من اللحاق به حيث حوصرت يوم 17-5-1915 في سوق الأحد ترهونة فأبادوها وغنموا ما كان معها من الإمدادات، فاضطرت القيادة الايطالية إلى تجريد قوة أكبر بقيادة الكولونيل مونتي لحراسة قافلة أخرى من الإمدادات ولكنها هوجمت هي الأخرى وقابلت نفس المصير وبعد فشل كل المحاولات لإنقاذ الحامية المحاصرة في ترهونة اتجه الايطاليون إلى إرسال قوة أخرى من القصبات (أمسلاته) بقيادة الكولونيل كاسينس ولكن هذه القوة لم تتمكن من الوصول إلى ترهونة نتيجة للمقاومة العنيفة التي واجهتها في المنطقة، فأبلغت القيادة هذه القوة بقيادة كاسينس للعمل على شغل المقاتلين في ترهونة وجرهم إلى منطقة الداوون شرق ترهونة وذلك لتسهيل انسحاب الحامية المحاصرة والخروج إلى عين زارة عن طريق سوق الأحد على أن تقوم القوات الايطالية في العزيزية وعين زارة بعمليات تشغل المقاتلين عن عملية الانسحاب للحامية المحاصرة .
فى يوم 18 يونيو تحركت الحامية التي كانت محاصرة بعد أن وفرت لها كافة الضمانات من القيادة الايطالية باللاسلكي زيادة على يأسهم من وصول النجدة اضطروا إلى الخروج بعد نفاد ما عندهم من زاد وتموين محاولين الوصول إلى طرابلس مهما كانت التضحية، وقد تركهم المجاهدون عمدا يخرجون إلى المنطقة الجبلية بعد اتصالهم بدليل القوات الايطالية علي سويدان الحاتمي ...
علي سويدان الحاتمي نجح في خداع العدو وذلك حينما أخبر المجاهدين بمسار القوات بحجة طلبه من قائد الحامية إحضار والدته لتوديعها فسمح له بذلك تحت حراسة مشددة فاخبر والدته بكلمة السر وهي (وادي الشقيقة) ثم أخبرت المجاهدين بما قاله لها ابنها..
ووادي الشقيقة وادي صغير ضيق يقع بالقرب من الشرشارة في منطقة ( أولاد بوزيد) ويمكن لأي شخص زيارته عن طريق مفرق يقع بحوالي 1 كم قبل مفرق مجي سيدي الصيد إلى اليسار من الطريق المزدوج المؤدى إلى ترهونة المدينة وعندما ضاق هذا الوادي بالحامية وأصبحت في منطقة يصعب التحرك فيها انهال الرصاص على الايطاليين من كل جانب وأصبحوا محاصرين في قاع الوادي، وبذلك تم القضاء على معظم أفراد الحامية البالغ عددهم 5000 مقاتل وقد أسر في هذه المعركة المسماة وادي الشقيقة 473 جنديا و31 ضابطا أي ما مجموعه 504 أسير إضافة إلى 200 أسير محتجزين من قبل في معركة بوعرقوب وفم ملغة وقتل في الشقيقة 4061 من الحامية الايطالية. وقد بقى الأسرى ألـ 700 خدما عاملين لمدة سنة لدى عائلات المجاهدين . هكذا أرادت إيطاليا أن تجعل من هزيمتها النكراء نصرا واحتفالا باسترداد أسراهم المحتجزين في ترهونة في المعركة المنسية الشقيقة .
.....لقد كانت معركة الشقيقة نتيجة من نتائج الانتصار العظيم لرفع الروح المعنوية لليبيين في جميع مناطق ليبيا وبداية لاسترداد كل المناطق المحتلة في ليبيا كلها بل أنها كانت مدرسة لخدعة الحرب في الشقيقة حيث أعدم البطل الشجاع علي سويدان الحاتمي في ساحة السوق بترهونة بمجرد احتلال ترهونة من جديد يوم 6 فبراير 1923 والتي أعد لها جراتسياني خطة تطويق والتفاف على ترهونة طبقا للإستراتيجية التالية :
1- قوات الجنرال جراتسيانى 3700 جندي 350 فارس 4 قطع مدفعية. وهذه القوة تهاجم المناطق الجنوبية من ترهونة وتقطع المدد من بني وليد
2- قوات الجنرال بيتساري 3100 جندي 300 فارس 4 قطع مدفعية وهذه القوة تهاجم ترهونة من جهة الخمس وأمسلاته .
3- قوات الجنرال بيللى 1400 جندي 200 فارس 4 قطع مدفعية وهذه قوة تهاجم ترهونة من جهة غريان إلى وادي ويف ترهونة ومن العزيزية إلى وادي فم ملغة ترهونة .
كل هذه القوات كانت الدليل الواضح على حجم المقاومة التي يحسبها الايطاليون لمقاتلي ترهونة وقد ورد في كتاب "العمليات العسكرية في طرابلس الغرب 1911-1924 " النص التالي "وبسقوط ترهونة تلقت حركة المقاومة في المنطقة الغربية من ليبيا ضربة عنيفة.....
المصادر
1- كتاب نحو فزان- رودولفو جراتسياني- مكتبة صايغ القاهرة 1976 .
2- معجم معارك الجهاد في ليبيا - خليفة التليسي – الدار العربية للكتاب