جرائم الاحتلال العثماني لليبيا
جرائم الاحتلال العثماني لليبيا
..................................
وقَعَتْ ليبيا ضحية للعثمانيين منتصف القرن السادس عشر وعانى أهلها من ويلات القتل وقطع الرؤوس في مجازر دامية، وتم كشف خيانة الأتراك للمسلمين تحت أوهام الخلافة المزعومة لتتكشف عملية التواطؤ بين العثمانيون وإيطاليا لتسليم ليبيا إلى الاستعمار الإيطالي.
أبرز مذابح الدولة العثمانية ضد الليبيين
* مذبحة الجوازي وقتل 10 آلاف ليبيا
قبل نحو 200 عام في سبتمبر 1817، وفي نهار رمضان، نفذ “ الحاكم المستعمر العثماني” واحدة من أبشع المجازر في التاريخ ضد قبيلة الجوازي، التي كانت تسكن مدينة بنغازي، مما خلف الآلاف من القتلى والضحايا على خلفية نزاع بين الوالي العثماني يوسف باشا القرماني وولده.
وتعود فصول “المذبحة” حين دعا الحاكم العسكري التركي القرمانلي شيوخ الجوازي للحضور إلى القلعة التركية “بغرض إكرامهم وطلب الهدنة”، على اعتبار أن سكان القبيلة كانوا يرفضون الاستبداد التركي. وبالفعل لبى شيوخ وأعوان الجوازي النداء، وبمجرد جلوسهم داخل القلعة، أعطى القرمانلي إشارته للحرس الخاص لتنفيذ الهجوم عليهم، إذ تم ذبحهم جميعا، وبعد “تصفية” الشيوخ، الذين كان يناهز عددهم الـ 45، طالت “المذبحة” كافة أنحاء القبيلة، ليبلغ عدد القتلى أكثر من 10 آلاف فرد، من بينهم نساء وأطفال.
* مذبحة تاجوراء
يرصد صاحب كتاب “ري الغليل” قيام محمد رائف باشا والي طرابلس الجديد، الذي تسلم مهامه في سبتمبر 1835، بقمع أحرار ليبيا، وقاد حملة عسكرية على إقليم تاجوراء الذي امتنع سكانه عن دفع الضرائب، ورفضوا توريد محاصيلهم إلى أسواق طرابلس، واتفقوا على إرسالها إلى تاجوراء، نكاية في العثمانيين، لتتحول تاجوراء إلى مركز تجاري كبير.
وبعد مقاومة شديدة من أهالي تاجوراء سقط 500 شهيد على يد اللصوص انكشارية العثمانيين الذين استولوا على أموال وبضائع التجار، وأنهوا دور تاجوراء التجاري، ونهب الجنود ممتلكات الأهالي، وخطفوا 100 فتاة و145 طفلا، وفر عدد كبير من الأهالي إلى الصحراء.
مجزرة مصراته
أثارت انتصارات العرب الليبيين ذعر السلطان محمود الثاني، وأرسلت إسطنبول حملة عسكرية في 22 يونيو 1836 بقيادة طاهر باشا، شملت 12 سفينة حربية على متنها 3 آلاف جندي، بينهم 300 من الخيالة، وحملت السفن المدافع والذخائر والمؤن العسكرية. بدأ طاهر باشا حملته العسكرية بالهجوم على ضواحي مصراته، وتواصلت المعارك مدة 28 يوما متواصلة، وتكبد الأتراك خسائر بشرية كبيرة وصلت إلى 600 قتيل، وفي 9 أغسطس 1836 تمكن طاهر باشا من الاستيلاء على مصراتة، وعين ضابطا عثمانيًا حاكما للمدينة في مقابل حصد أرواح 80ألف شخص من ابناء القبائل العربية بمصراتة .
فرض الضرائب وشيوع الفقر
أوصى المناضل الليبي محمد بن عبد الجليل محذرًا من ظلم الطغاة الأتراك قائلًا” أوصيك يا عربي ألا تأمن خبث الأتراك، لأنهم ما يشتهون الا الخراب والفتن، وما سبب خراب البلاد الا فساد العثمانيين وجهلهم”
وبالفعل فقد مارس المحتل العثماني أبشع الجرائم في الأراضي الليبية، فامتلأت بطونهم بأموال الرعية وتفننوا في فرض الضرائب المختلفة على أتفه الأشياء لإشباع ملذاتهم الشاذة على حساب المعدمين، فكانت الضرائب موردا رئيسا لميزانية السلطنة والولايات، وكان يرسل فرمانًا للوالي بقيمتها السنوية.
وقد كانت قسوة الضرائب تتمثل في نظام الالتزام، إذ يعرض الوالي حق تحصيل الضرائب في مزاد علني، ليستقر على ثري عثماني أو أحد قادة الجيش، لينطلق هؤلاء في نهب جيوب الليبيين، وإذا عجز شخص عن الدفع يتم القبض عليه، ويربط في ذيل حصان حتى السجن، ما دفع بعض الفقراء إلى الهروب فور وصول الجباه العثمانيين.
* ضريبة الويركو
* •••••••••••••فرضت السلطنة على الليبيين ضريبة “الويركو” أو “الميري”، وأجبروا الذكور البالغين على دفع 40 قرشا سنويا، وفرضوا مثلها على ملاك الحيوانات والأشجار، وسرت ايضًا على الذبائح، وعوقب الممتنعون عنها بالسجن ثلاثة اشهر، مع إمكانية التجديد إذا عجز أهله عن الوفاء.
* ضريبة العشر
* •••••••••••••••قد عانى الفلاحون الليبيون من إهمال العثمانيين للزراعة خاصة في سنوات الجفاف، وعجز المزارعون عن تسديد ضريبة “العشر” البالغة {10% }من قيمة المحاصيل، وكانت تحدد في أبريل من كل عام، فيما حصل الجباه العثمانيين على إتاوة 16 ليرة من كل مزارع، وأدت المحسوبية والرشوة دورها في إعفاء الاغنياء ، وألزم منها الفقراء وغير القادرين بسداد ضرائب الأغنياء. وفي مواسم الجفاف، كانت الديون تتراكم على الفلاحين، فكان الفرار ملجأهم من بطش العثماني، فتركوا مزارعهم نهبًا للتصحر، ما أدى إلى تراجع الحبوب والمحاصيل في الولاية.
* ضريبة فتح بندر
* ••••••••••••••••قضى العثمانيون على التجارة في ليبيا ، لإتاحة الفرصة للمحتكرين الأجانب، عن طريق فرض الولاة العثمانيين على التجار الليبيين ضرائب باهظة، منها ضريبة “رسوم فتح بندر” المفروضة على كل مواطن يرغب في فتح محل تجاري، ما أدى إلى إغلاق العديد من المحال بعد إعلان إفلاسها”.
ولم يكتف العثماني بهذا البطش بل قام بفرض الضرائب على أتفه الأشياء، مثل ضريبة “التمتع” مقابل الحصول على الخدمات العامة، مثل الأمن والرعاية الصحية والنظافة واستخدام الطرق. وضريبة “المرور” التي ألزم من خلالها الولاة الرعية بدفع ضريبة مقابل التنقل داخل البلاد وخارجها. خلافًا عن رسوم “العزوبية” التي فرضتها السلطنة على الليبيين سواء كانوا متزوجين أو عزابا، حيث فرضوا على كل بالغ أعزب ضريبة بلغت 15 بارة سنويا (عملة عثمانية)، وإذا تيسر له الزواج زادت الضريبة إلى 30 بارة سنويا، وإذا رزق بمولود ألزم بدفع 60 بارة للذكر و30 للأنثى.
علاوة على ذلك فقد تفنن الولاة الجدد في فرض الضرائب على الرعية، واستهلوا ولاياتهم بفرض “رسوم قدوم” 40 بارة، تجمع يوم قدوم الوالي إلى طرابلس، كما تكفلت الأهالي بنفقات الحفلات والسهرات في قصور الوالي، وفرضت الضرائب في الأعياد والمناسبات تحت اسم “رسوم خلعت” وبلغت في بعض الأحيان نحو 40 بارة.
ولم تكتف الدولة العثمانية بهذا القدر من الضرائب الظالمة، بل فرضت الإتاوات على الرعية كلما خاضت غمار الحرب باسم “تبرعات الجهاد”، بإضافة 6% على جميع الضرائب لصالح التجهيزات العسكرية، الأمر الذي كان يقابله الأهالي بالتذمر.
ختامًا
بعد ان استعمرت السلطنة العثمانية الأراضي الليبية باسم الدين الاسلامي، و ألفوا كذبة الخلافة لاستعباد الشعب الليبي على مدار ثلاثة قرون، عاثوا في البلاد نهبًا وقتلًا وسفكًا للدماء، صنف من خلالها التاريخ العثماني في ليبيا كواحد من أعنف تواريخ الاستعمار، سلّمت السلطنة العثمانية ليبيا لإيطاليا، عبر اتفاقية (أوشي-لوزان) التي وقعها العثمانيون مع الإيطاليين ، وتم بموجبها تسليم الأتراك لليبيا ومنحها للاستعمار الإيطالي، نافية بذلك ما رددته دومًا عن حماية الدولة الاسلامية والحفاظ علي إعلاء قيمة الإسلام والمحاربة تحت رايته.
https://albunyanalmarsus.com