إعدامات جماعية علنية لليبيين الخارجين عن القانون في مدرج لبدة الكبرى

إعدامات جماعية علنية لليبيين الخارجين عن القانون في مدرج لبدة الكبرى

إعدامات جماعية علنية لليبيين الخارجين عن القانون في مدرج لبدة الكبرى...
قبل نحو 2000 عام، كان الليبيون من الخارجين عن القانون، يساقون كالخراف مكبلين إلى مدرج لبدة الكبرى Amphitheater، المطل على البحر، لتولي عملية اعدامهم جماعيا، امام حشد عظيم من الناس.
يسع المدرج الذي افتتح من قبل حاكم المدينة "ماركوس بومبيوس" نحو 16000 متفرج، حيث يطلعنا النقش على أنه أُهدِيَّ افتتاحه عام 56م إلى الامبراطور الشاب نيرون (حكم روما ما بين 54-68م).
كشفت عمليات الاعدام الجماعية هذه الفسيفساء الشهيرة في زليطن، المعروفة بفيلا بوك عميره Villa Buc Ammera. وعادة ما يكون هذا اليوم حافلا بالمسابقات والمناشط الرياضية والعروض الفنية والموسيقية المتنوعة، ففي ساعات الصباح الاولى، يكون الجمهور المتلهف على موعد مع عرض افتتاحي، هو أشبه بسيرك تتقاتل فيه الحيوانات، مثل الثيران والدببة والاسود والنعام مع بعضها بعضا. ومن المعروف أنه في سبعينيات القرن الأول الميلادي، سافر رجل رحالة من لبدة الكبرى عبر الصحراء الكبرى؛ للبحث عن حيوانات أفريقية مفترسة، يمكن أن تلعب دورًا في العروض الأولى في الكولوسيوم في روما.
اما في الظهيرة، وبعد فترة الاستراحة، فتأتي اكثر العروض دموية، حين يدخل المجرمون مكبلين في السلاسل الى الحلبة، وسط هتاف المتفرجين الهادر كأمواج البحر، وهم يهتفون عبر حناجرهم: الموت للخونة....
يُظهر أحد المشاهد في فسيفساء عميرة إعدام ليبي مجرم. للأسف، ليس لدينا من المعلومات التاريخية الكافية، التي تمكننا من معرفة طبيعة الجريمة، التي ارتكبها، لكن الأرجح أنها سياسية. هنا نرى كيف تعتني حكومة لبدة الكبرى بتطبيق العدالة بين مواطنيها. الرجل الذي قُتل في المشهد الظاهر في الصورة لديه بشرة داكنة، وقد يكون أحد أبناء جرمنت الأصليين، في جنوب ليبيا، وقد قيل إنه أحد الأشخاص الذين أسرهم الجنرال الروماني "فاليريوس فيستوس" عام 70 م ، في بداية عهد الامبراطور فيسباسيان، وتم إعدامه في مدرج لبدة الكبرى، بعد أن تم جلبه إلى الحلبة، حيث التهمه أحد الأسود الجائعة.
تذكر المصادر التاريخية، أنه في عام الأباطرة الأربعة (69 م)، اغتنم سكان أويا الفرصة، التي أتاحتها الحرب الأهلية لمهاجمة شعب لبدة الكبرى، وانضم إليهم الجرمنتيون. قام الجنرال "فاليريوس فيستوس" سريعا بإخماد نيران التمرد عام 70م، وبناء على هذه المعلومات، من الممكن أن يكون الليبيون قد أعدموا بهذه الطريقة البشعة؛ ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه التفكير في أية محاولة انقلاب أو تمرد عسكري على السلطات الحاكمة. يمكن أيضا رؤية مشهد مشابه على الصورة، حيث تم إعدام مجرم آخر، تم ربطه بعمود كالمسيح، وتم إحضاره إلى الساحة على عربة صغيرة (كروسة)، حيث يوشك الأسد الجائع على الاعتناء به. هذا الرجل مرة أخرى ذو بشرة داكنة، ويبدو من المشهد أنه ذو رتبة عسكرية كبيرة، كأن يكون جنرالا، أو قائد الحملة، لذلك وضع على الكروسة؛ لتكون لحظات إعدامه أكثر إمتاعا للجمهور، الذي دفع تذاكر الفرجة الباهظة الثمن.
بعد انتهاء الحيوانات المفترسة من وجبتها، تعزف الفرق الموسيقية، كما في الصورة ألحانا عسكرية للنصر للترفيه عن حالة الجمهور النفسية، جراء الجثث التي مزقت والدماء التي سالت من أجساد المتمردين الليبيين، ثم يحين موعد الفترة الثالثة، وهي فترة المصارعة عصرا، حيث يؤدي المصارعون الليبيون الذين غالبا ما يكونون إما مجرمون يقضون أحكاما جنائية، أو عبيد أو أسرى حرب. يمكن التعرف على الصور الموجودة على الفسيفساء، حيث يبدو المصارع وهو ينزف دما من ساقه. كما نلاحظ في صورة أخرى، أن لعبة المصارعة التي كانت تجري في مدرج لبدة الكبرى، كانت تدار من قبل حاكم، كما في حلبات الملاكمة في العصر الحديث، حيث من إحدى واجباته التدخل لفض النزاع إذا لاحظ حالة غش أو احتيال،و الجدير بالذكر أنه بعد فرز المصارعين الفائزين في حلبة لبدة الكبرى، يتم نقلهم في رحلة بحرية إلى روما للمشاركة في الاحتفالات الرومانية