صديق نبيل لإيطاليا ... الشارف الغرياني:
صديق نبيل لإيطاليا
….. الشارف الغرياني:
ولد الشارف باشا حمد الغرياني عام 1877 بزاوية جنزور بالدفنة في البطنان جنوب شرق مدينة طبرق ونشأ في الزوايا السنوسية اسوة بوالده، الذي ترجع أصوله إلى منطقة غريان. ناصر القتال أثناء الحرب الإيطالية التركية، والمقاومة التركية اللاحقة قبل اوشي لوزان ، واخيرا هزيمة السنوسية في مرسى مطروح على يد الانجليز.
تواصل الشارف الغرياني مع سلطة الاحتلال الايطالي للوصول لاتفاق الرجمة وبو مريم بصفته موظفًا لدى إدريس السنوسي.
انقلب الشارف الغرياني الى معسكر الايطالي بعد مغادرة الامير إدريس برقة إلى مصر. وبعد اختلافه مع زعيم المقاومة في برقة الشيخ عمر المختار، فقد رأى الغرياني أن الإيطاليين قوة لاتُقهر، وبالتالي من الأفضل الرضوخ لهم، فيما راى المجاهد عمر المختار أن النضال المسلح يجب أن يكون وسيلة التفاهم مع الإيطاليين حتى ولو كان الأمل في النصر مفقود تماماً. فكان الغرياني أكثر الاعيان المحليين طاعة اتجاه حكومة إيطاليا.
استفادت ايطاليا منه للوصول الى تهدئة برقة، وتحريض السكان على المقاومة
فلعب الغرياني دور الوسيط ما بين المجاهدين والايطاليين، وحاول تقديم أي مساعدة لاستسلام المختار او القبض عليه بحكم صدقاته القديمة!
يفصل ردولف قرسياني في كتابه برقة الهادئة كيف كان هذا الخائن يتعامل معهم ضد عمر المختار واصحابه. فكان احد اول المتحصلين على شهادة الجنسية الايطالية عام 1939. وتحصل على لقب جراند كوردون "نجمة إيطاليا"
(الجراند كوردون: اعلى لقب يطلق لمن اسدى خدمات جليلة للحكومة الايطالية). وتحصل ايضا على مرتبة الشرف الفخرية لبوديستا من بنغازي كجائزة للخدمات التي قدمها للحكومة الايطالية أثناء تهدئة برقة (البوديستا: لقب قديم قام بتجديده موسوليني للعمدة الذي يرأس جميع البلديات ويتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية كاملة، يتم تعيينه بموجب مرسوم ملكي).
وكانت تطلق عليه حكومة اﻻحتلال اﻻيطالي "الوطني المخلص".
استفاد منه الجنرال بونجيوفاني من أجل إقناع أهالي اجدابيا برمي السلاح وعدم التعامل مع المقاومة ،. واستخدمه الحاكم مومبيلي اثناء غزوه للجغبوب، حيث كان الغرياني معروفًا ومحترمًا لفترة طويلة.
حاول جذب قبائل المغاربة المتصارعين إلى فلك الحكومة الايطالية، وتأكدت فعالية عمله من خلال الرسالة التالية للحاكم آنذاك تيروزي:
"إلى الضابط الأكبر، الشارف باشا الغرياني - بني غازي..
حماك الله الخ، إلخ..
لقد طلبت الحكومة منكم، مع العميد أولمي، بدء علاقات مكرسة مع قبائل المغاربة، وقد توليتم المهمة طواعية، وأتممتموها بنشاط وإيمان كبيرين. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن النتائج التي تم الحصول عليها كانت تلبي تمامًا أفضل التوقعات.
لذلك أعبر عن ارتياحي الكبير للعمل المنجز وآمل أن أتمكن من استخدام مساعدتك المخلصة والثمينة لفترة طويلة.
الحاكم: تيروزي"
التعاون الطواعي والدؤوب من الصديق الموقر لإيطاليا والذي استمر لمدة ثلاثة عقود تقريبًا، تم الاعتراف به أيضًا ومكافأته بشكل رفيع للغاية، من خلال رسالة دي بونو وزير المستعمرات الايطالية:
"روما 14 نوفمبر 1932 - الحادي عشر من العهد الفاشستي..
يسعدني أخبارك بان جلالة الملك، بموجب مرسوم الملكي المؤرخ في 3 نوفمبر 1932 - الحادي عشر من العهد الفاشستي، كان سعيدًا لمنحك تعيين جراند كوردون من وسام الاستعمار (نجمة إيطاليا) نظير الخدمات الثمينة التي قدمتها للإدارة الاستعمارية بإخلاص مطلق وثابت.
بإعطائك درجة الماستر أعبر عن تهاني الحارة.
الوزير: دي بونو"
لم تغب عن المارشال بالبو حاكم ليبيا تلك الخدمات المقدمة للمستعمرة من خلال هذه الصديق النبيل لايطاليا، فتلقى منه أيضًا شهادة على تقديره الكبير، فتم تعيينه في منصب فخري لبني غازي، تعبيرا على ان ايطاليا لا تنسى مع مرور السنين أولئك الذين يخدمونها بثقة وتفان.
توفي الشارف الغرياني عام 1945 ودفن في قرية بوزيان بغريان.
**الصورة: (1) الشارف الغرياني يقف تحت العلم الذي خدم تحته لاكثر من 30 عاما!
(2) جزء من مقال بعنوان: "صديق نبيل لإيطاليا - الشارف الغرياني Un Nobile Amico Dell’Italia - Sciaref El Ghariani"، نشر في مجلة Cirenaica illustrata الصادرة في اكتوبر 1934.
https://albunyanalmarsus.com