الليبو

الليبو

هو اسم قديم لإحدى القبائل الليبية القديمة. جاء ذكر اسمهم لأول مرة ضمن قائمة الأسماء على الصرح الثاني من معبد أبيدوس للملك رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشر ، وجاء على لوحة الملك مرنبتاح بمعبد عمدا ، وورد في نصوص مرنبتاح بالكرنك وجاء ذكرهم في تاريخ " حياة أم أوتب " مع أسماء شعوب وبلدان أفريقية في عصر الملك رمسيس السادس من الأسرة العشرون ، وتصف النقوش على جدران معبد الكرنك في عهد مرنبتاح كيف بدأت الحرب بين مصر والليبو وكيف هزم الليبو. كما هزم رمسيس الثالث الليبيين في السنة الخامسة لعهده. لكن بعد 6 سنوات انضم الليبو إلى المشواش وغزوا مناطق غرب الدلتا وهزموا مجددا .
يرى معظم العلماء أن الليبو أو الريبو كانوا يسكنون منطقة برقة الحالية وربما كانت أراضيهم تمتد نحو الشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سيوة ويُرجح أن مجموعتى القهق والإسبت كانتا تعيشان في نفس المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات الليبو أو الريبو، وأنهم كانوا ينقسمون إلى فرعين:
الفرع الأول هم قبائل مداغيس: وكان يعيش أغلبهم في النصف الشرقي من ليبيا.
والفرع الثاني هم قبائل البرنس: وكان يعيش أغلبهم في النصف الغربي من ليبيا.
في فترات الجفاف، كانت القبائل الليبية تهاجم الدلتا وخاصة عند ضعف الحكم في مصر، بينما يرى البعض الآخر أن الليبو كانت قبائل أصيلة مستوطنة لمنطقة الدلتا ولكن تم تهجيرها خارجها بواسطة أسلاف المصريين ثم أنهم كانوا في كل مرة يسعون لاسترجاعها مرة أخرى. استطاع عدد من أبناء القبائل الليبية (البربرية) الإستقرار بمصر و احتلالها و التأثر دينياً بمجتمعها و حتى عرقياً، بل و تأسيس دولة أمازيغية فيها. وكانت الأسرة الثانية والعشرين التي حكمت مصر تنتمي لأصول ليبية، وقد حكمت مصر قرنين من الزمان (من القرن العاشر إلى القرن الثامن ق. م) وكان مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق أو شيشون وكان من ملوكها الأقوياء فاجتاح فلسطين واستولي على عدد من المدن ورجع بغنائم كثيرة .
بيض البشرة ، حمر الشعور، زرق العيون كما نرى في صور أفراد قبائل بلاد التمحو.
يلبسون نقبة قصيرة فوقها رداء طويل مزين برسومات مختلفة تاركين أحد الأكتاف عاريا ، والأيدي والأذرع يزينها الوشم . ظهروا لأول مرة بدون ذكر اسمهم في نقوش تل العمارنة في عهد الملك إخناتون من الأسرة الثامنة عشر ثم ظهروا في وظائف عديدة في البلاط الملكي.
أقدم ذكر لمجموعات الليبو أو الريبو كان في عهد مرنبتاح ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام في تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة حيث اشتركوا كقادة في الحروب التي قامت ضد الملك مرنبتاح واشتركوا أيضاً في الحروب التي دارت ضد رمسيس الثالث.
اسم الليبو أصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم علماً على كل المنطقة التي تقع إلى الغرب من منطقة وادى النيل وبالتالى اختفت أسماء بقية المجموعات الأخرى وبناء على كل ذلك أصبح هذا الاسم يعني لدى الإغريق تارة كل المجموعات السكانية التي تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت وتارة أخرى كل شمال أفريقيا وفي بعض الأحيان القارة الإفريقية بكاملها.و كان اليونان، ومن بعدهم الرومان، يطلقون اسم "اللوبيين" على سكان شمال أفريقيا، فيبدو أن اسم الريبو أو الليبو حلت محل الاسم السابق الذي عرفت به القبائل الليبية وهو التحنو. وعليه فإطلاق اسم "الليبو" على كامل شمال أفريقيا وسكانه هو من قبيل إطلاق الجزء على الكل.
وبقيت المنطقة تعرف باسم الليبو طيلة الفترة التي تلي الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم ونعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التي استعمروها بالجبل الأخضر اسم ليبيا وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال أفريقيا.
ورد اسم الليبو في الوثائق المكتوبة "بالهيروغليفية". وكان ذلك منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد. في عهد الملك الفرعوني رمسيس الثاني (1298 ـ 1232 ق.م)، من الأسرة 19، حيث وقعت الإشارة في مدّوناته للمرة الأولى إلى "الليبو" وتوالى ذكر هذا الاسم في سجلات أخرى، من أهمّها "نقش الكرنك" للملك "مرنبتاح" في حدود 1227 ق.م. من الأسرة التاسعة عشرة للدولة المصرية الحديثة، الذي سجّل فيه انتصاره على اللوبيين ومن تحالف معهم من "شعوب البحر" الذين هجموا على الدلتا للاستقرار بها، تخلّصا من الصحراء ومن أيّ ضغوط أخرى. قاد هذا التحالف الكبير "مارابي أو مريبي بن دد" رئيس قبيلة "اللّيبو". وجاء في نص الكرنك: "أن رئيس الليبو الخاسئ مارابي بن دد" انقضّ على إقليم تحنو برمته.... ومن قبائل المنطقة المشاركة في هذا التحالف: القهق والمشواش. كما ورد اسم "الليبو" في نقوش رمسيس الثالث (1198 ـ 1166ق.م) الذي ردّ هجمتين قويتين من الغرب على الدلتا كانت الأولى متكوّنة من قبائل المنطقة: الليبو والسبد والمشواش بمؤازرة شعوب البحر. ويشار إلى اسم "الليبو" في المصادر المصرية بالحرفين (ر.ب). ولهذا قرأها بعضهم: "الريبو" بالإبقاء على الراء من دون إبدالها باللام. وذلك راجع إلى عدم التفطن إلى "أنّ نظام الكتابة المصرية لا يعرف اللام" أنّ الراء فيها كثيراً ما تنطق لاما ولذا فإن (ر.ب) تقرأ (ل.ب) أي ليبو أو اللّيبو. وثيقة أخرى تشير إلى الليبو كتسمية عامة لكل المنطقة التي تقع إلى الغرب من مصر، وهي وثيقة تعود لعهد الملك شيشنق الرابع (763-757قبل الميلاد) وتشير إلى شخصية ليبية مرمـوقة تدعـى حيتيحنكر وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبو.
والوثائق المصرية كما ذكرت "الليبو"، ذكرت أسماء أخرى، الأمر الذي يدلّ على أنها كانت تسمّي الجماعات المجاورة لها من الغرب بأسمائها، من دون تعميم اسم واحد منها على البقية. ونظرا لأهمّية المجموعات اللوبية، فإنّ المصادر المتعلّقة بالتنظيم الإداري الفرعوني تحدّثت عن المديرية الثالثة من مديريات الوجه البحري، وذكرتها باسم "المديرية اللوبية" وأشار سترابون (جغرافي يوناني توفي 65م) إلى وجود مديرية بهذا الاسم قرب الدلتا، وهو ما تؤكده المصادر العربية بوضوح. فقال ابن عبد الحكم: "لوبية ومراقية، وهما كورتان من كور مصر الغربية ممّا يشرب من السماء ولا ينالها النيل". وكرر ابن خُرداذُبه هذا، أثناء حديثه عن أجلاء البربر من فلسطين. فقال "حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية، فتفرّقوا هناك". والواضح من المعلومات المتقدّمة، هو أنّ قبيلة "الليبو" من القبائل الكبرى المنتشرة ـ حسب رأي بعض المختصّين ـ في المناطق الشرقية من ليبيا
أمّا إشاعة اسمهم وإطلاقه على سكان شمال إفريقيا، فهو من صنع اليونان الذين تعود صلتهم بليبيا إلى القرن الثامن قبل الميلاد. وقد أسّسوا بها أولى مستوطناتهم قورينا في حدود 631 ق.م ويبدو أنهم كانوا يطلقونه على مناطق سكانهم وتحركاتهم، ثم أشيع بالتدرّج على كامل المنطقة، ويقال أن "هيكتيوس" هو أوّل من عمّم هذا الاسم، وتبعه "هيرودوتس" ومؤرخو اليونان وجغرافيوهم.
ورد اسم "الليبو" أيضاً في التوراة (العهد القديم) بهذه الصيغة "لوبي" و"لوبيم"
ـ تاريخ إفريقيا العام ـ جون أفريك ـ اليونسكو. تورينو (إيطاليا) 1998 ج 2 ص 440
-بازاما مصطفى: تاريخ ليبيا في عصور ما قبل التاريخ ـ منشورات الجامعة الليبية ـ بنغازي 1973 ج1 ص 56.
.ليبيون وإغريق برقة...: د. مصطفى كمال عبد العليم: ليبيا في التاريخ ـ منشورات الجامعة الليبية ـ بنغازي 1968 ص 101
فتوح إفريقيا والأندلس ـ حققه عبد الله أنيس الطبّاع ـ مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني بيروت 1987 ص 28
المسالك والممالك ـ ليدن 1889 ـ ص 19
جون ولسن: الحضارة المصرية. ترجمة أحمد فخري. مكتبة النهضة المصرية سلسلة: 1000 كتاب. علوم إنسانية 57. القاهرة 1955 ص 405
بازاما مصطفى: تاريخ ليبيا في عصور ما قبل التاريخ ـ منشورات الجامعة الليبية ـ بنغازي 1973 ج1 ص 56
ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون ص 1887
ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون ص 1888
موسوعة تاريخنا (من عصور ما قبل التاريخ حتى القرن السابع قبل الميلاد). الكتاب الأول.
ابن خلدون- العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر.