عثمان الساكسلي
عثمان الساكسلي
أكبر طاغية عثماني حكم ولاية طرابلس عام 1059 ه ومات منتحرا .
ويقول عنه مفتي ليبيا والمؤرخ الشيخ الطاهر الزاوي :
عثمان هذا هو عثمان الساكسلي . وكان علجاً لبعض الجند ؛ وكان طاغية من أكبر طغاة الترك الذين حكموا طرابلس ؛ وكان مستبداً ظالماً ؛ كثرت ثورات رؤساء العرب عليه لظلمه ؛ وكان غداراً لا يفي بعهد ؛ وقاسياً لا يرحم ؛ تستريح نفسه لقتل الأبرياء والتنكيل بالمظلومين ؛ كما تستريح نفس المؤمن لطاعة الله ؛ وهو صاحب مدرسة عثمان باشا المعروفة بطرابلس ؛ بناها بما سلبه من أموال الطرابلسيين ظلماً وعدواناً . ومما أشتهر به الترك في ذلك العصر ؛ سواء في طرابلس ومصر ؛ أنهم يسلبون الناس أموالهم ظلماً ؛ ويبنون بها المدارس والجوامع . وكان مثلهم في ذلك مثل التي كانت تزني لتتصدق ؛ وليتها لم تزن ولم تتصدق .
ويكفي أن ينسب إلي الطغيان والظلم ؛ ما فعله مع أهل أوجلة ؛ ومع جبر بن موسي التاورغي وأطفاله .
ومن الكذب علي التاريخ أن يقال أن الثورات إلتي كان يقوم بها رؤساء العرب ـ مثل غومة ؛ وسيف النصر ـ إنما كانت للنهب والسلب ؛ والحقيقة أنها كانت علي ظلم مثل هذا الطاغية وأمثاله .
ومن الجرائم في عهده :
لم يول من حاشيته متأصلاً في الأسلام منصباً ؛ وأنما يولي المناصب : مثل قيادة الجيش ؛ ومنصب الكيخيا أحداث العهد بالأسلام : ولي قيادة الجيش أبن أخته رجب بك ؛ وولي الكيخيا اولاً محمد أبن أخته ؛ ثم مات بالطاعون فأقام بعده أبن بنت أخيه سليمان ؛ وكان قدم عليه أبناء أبن أخيه وهم علي دين النصرانية ؛ فختنهم كرهاً ؛ وأمرهم علي البلدان ؛ فظلموا ظلماً شنيعاً ؛ ولم يستطع أحد أن يشكوهم . .
وإذا أخبر بامرأة جميلة في بلده الذي هو به قائد أرسل إليها وأتي بها كرهاً وفعل بها ما أراد ؛ ولا يستطيع زوجها ولا غيره دفعاً ولا منعاً ؛ ومن أراد الشكوي منع الدخول إلي الوالي عثمان ؛ وهذا شيء لم نسمع بمثله إلا عن عملوق الأكبر أبن طسم .
وزاد ذلك الأمر حتي أشتغل به أكثر قواده لما رأوا من تعاميه علي ذلك حتي تعدوه إلي الفاحشة اللوطية .
فقد ذكر البهلول : إن أحد قواده بساحل الأحامد جمع الرعية لخدمة بستان له هنالك ؛ فإجتمع أهل البلد كلهم ؛ فرأي فيهم غلاماً أمرد جميل الصورة ؛ فقبض عليه بمرأي من الناس وفعل به علي أعين الأشهاد الفاحشة العظمي ؛ وكان أبوه من أعيان البلد فجعل يستغيث ويصيح ؛ فأمر القائد المذكور غلمانه فقبضوا عليه وصرعوه وما زال يضربه بالسياط إلي أن مات في موضعه ذلك ؛ وحملوه ميتاً ودفنوه ؛ ولم يستطع أحد رفع شكاية لعلمهم المنع في الوصول وعدم قبولها أن وصلوا .
ويقول مفتي ليبيا والمؤرخ الطاهر الزاوي تعقيباً :
نلفت نظر بعض مواطنينا الطرابلسيين أنصار العهد التركي إلي هذه القبائح المزرية ؛ والشناعات المؤلمة ؛ فلعلهم لم يطلعوا عليها ؛ وما أهمله التاريخ أكثر ؛ علوج سفلة ؛ وكفار عريقون في الكفر ؛ يتولون أمور شعب عربي مسلم ؛ يدوسون كرامته ؛ ويهدرون أنسانيته ؛ وتمتد أيديهم الظالمة إلي حرمات المسلمين ؛ بعد إن سلبت أموالهم ؛ وأباحت منهم ما حرمته الشرائع ؛ بل الأنسانية والمروءة ؛ كل هذا لم يجد فيه بعض مواطنينا ما يدعوا إلي كراهة ذلك العهد الظالم ؛ وأولئك العلوج الظلمة !!
أما أنا وأمثالي فلا يسعنا الأ أن نتمثل بقول الشاعر :
إذا ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
المصدر
كتاب التذكار لأبن غلبون ص197 . ص200