نهاية القرمانليين
((نهاية القرمانليين))
كانت حياة القرمانليين حياة بذخ وترف وملذات ومعاشرة للنساء، وإدمان الشراب حتى كان بعظهم يقطر المشروبات الروحية لإستعماله الخاص، وبدت مظاهر العظمة في أثاث بلاطهم، وملابس نسائهم وخادماتهم وقد كلفتهم هذه الأشياء أموالا طائلة لم يحسوا بها في أوج عظمة بحريتهم، واستغلوا بعض هذه الأموال في اقامة المنشآت وأشهرها مسجد أحمد باشا في طرابلس ، وفي أصلاح القلاع والأسوار.
وبعد أن ضعف أمر هذه البحرية، قلت موارد القرمانليين المالية، فلجأ يوسف باشا إلى وسائل مختلفة ليحصل على ما يريد من مال كبيع الحاصلات مقدما والإستدانة من الرعايا البريطانيين والفرنسيين، وإثقال كاهل الليبيين بالضرائب واضطر الأمر إلى ضرب مصكوكات نحاسية لم تفد شيئا ، واستغل الفرنسيون ذلك العسر المالي وطالبوا بسداد ديون رعاياهم، واتخدوا ذلك ذريعة لتحديد نشاط البحرية الطرابلسية تحديدا نهائيا عام 1830م بمنعها من تجديدها أو بناء سفن جديدة، وتبعهم البريطانيون، فلجأ يوسف باشا إلى إرهاق رعاياه من سكان المنشية بالضرائب، حتى ضج الناس وجاروا بالشكوى ، واشتعلت الثورة ضده وثارت العصبيات المحلية بزعامة عبد الجليل سيف النصر وغومة المحمودي وعثمان الأدغم وغيرهم، وانتهى الأمر بتنازل يوسف باشا عن العرش لإبنه علي الثاني في أغسطس 1832م ، فنافسه محمد القرمانلي، وانقسمت البلاد بين الأميرين المتنازعين، وتدخل القنصلان الفرنسي والإنجليزي فآزر القنصل الفرنسي علي الثاني ، واتجه القنصل الإنجليزي ومحمد بيت المال زعيم المنشية الذي كان بمثابة رئيس الوزراء في عهد يوسف باشا لمؤازرة محمد، وعندما صدر فرمان السلطان بتأييد علي الثاني صديق الفرنسيين، اتجه الإنجليز لتحريض العثمانيين على استعادة الحكم المباشر في طرابلس الغرب وتم ذلك على يد القائد البحري العثماني نجيب باشا في يونيه 1835م وعادت طرابلس ولاية عثمانية وبذلك انتهى عهد الأسرة القرمانلية الذي استمر 125سنة .