علم الأنساب ((جينيالوجيا))

علم الأنساب ((جينيالوجيا))

هو علم يتعرف منه أنساب الناس وقواعده الكلية والجزئية والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص ما، وهو علمٌ مهم لدى العرب والمسلمين، حيثُ أشير له في القرآن قال تعالى:((وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)) ، كما وحثّ الرسول الكريم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه ((تعلموا من انسابكم كي تصلوا أرحامكم))، وحث على تعلمه ، والعربي قد اعتنى في ضبط نسبه إلى أن أكثر أهل الإسلام قد اختلط أنسابهم بالأعاجم فتعذر ضبطه بالآباء فانتسب كل مجهول النسب إلى بلده أو حرفته أو نحو ذلك حتى غلب هذا النوع قال صاحب : ((كشف الظنون)) : وهذا العلم من زياداتي على : ((مفتاح السعادة)) والعجب من ذلك الفاضل كيف غفل عنه مع أنه علم مشهور طويل الذيل وقد صنفوا فيه كتبا كثيرة.
والذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب هو النسابة هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة ٢٠٤هجرية فإنه صنف فيه خمسة كتب (المنزلة) و (الجمهرة) و (الوجيز) و (الفريد) و (الملوك) ثم اقتفى أثره جماعة أوردنا آثارهم هنا منها (أنساب الأشراف) لأبي الحسن أحمد بن يحيى البلاذري وهو كتاب كبير كثير الفائدة كتب منه عشرين مجلدا ولم يتم و (أنساب حمير وملوكها) لعبد الملك بن هشام صاحب :(السيرة) و (أنساب الرشاطي) و (أنساب الشعراء) لأبي جعفر محمد بن حبيب البغدادي النحوي و (أنساب السمعاني التميمي) و (أنساب قريش) للزبير بن بكار القرشي و (أنساب المحدثين) للحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار البغدادي و (أنساب القاضي المهذب)
وسردت أنساب القبائل العربية في مصنفات كما فعل ابن الكلبي، وابن حزم وغيرهما وتم سرد أنساب قبيلة معينة في مؤلف مستقل ، الاهتمام بنسب الأمهات كما فعل ابن حبيب في كتابه (أمهات النبي)، وصاحب (جمهرة أنساب أمهات النبي)، العلامة مرتضى الزبيدي في رسالته عن العواتك أمهات النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر أن محمد بن أدريس الشافعي كان مبرزاً في هذا الجانب ، تبيين المؤتلف والمختلف في النسبة، والمتفق والمفترق، وهذه طريقة علماء الحديث، الذين كان لهم منهجهم في التصنيف في الأنساب وضبطها.
يطلق مصطلح (النسابة) على البليغ العالم بالأنساب، وقد شمل تدوين النسب بعض المكتبات التاريخية في العالم الإسلامي كمكتبة الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة وتحتوي على مخطوطات علمية خاصة بالإرث الحجازي في ماتم تدوينه من الأنساب القرشية والعربية في المجمل كما تحوي مكتبة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة التاريخية واللتي تقع في الدور العلوي من الحرم المدني مخطوطات نفيسة هي عبارة عن كتب في الأنساب ومنها مايذكر أنساب الشرفاء في المملكة المغربية، كما أن التاريخ وثق تأسيس نقابة للأنساب الهاشمية في العصر العباسي بالعراق وكان من نقباء هذا الفن الشريف الرضي .
كان للعرب اهتمام بالغ في حفظ الأنساب وتعليمها، وكانوا يقسمون النسب على درجات عرفت بطبقات النسب، إن من يطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم واعراقهم، وانهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ولا يعزى ذلك كله إلى جاهليتهم، كما لا يعزى عدم اهتمام غيرهم كالفرس والروم إلى تحضرهم، وسيتضح لنا ذلك من خلال ما سنعرض له من جوانب في هذا البحث، وإن كان الجهل قد أفرز عصبية بغيضة اساءت إلى علم النسب سواء في ذلك العصر أو حتى في عصور الإسلام المتأخرة. وقد عزى ابن عبد ربه سبب اهتمام العرب بأنسابهم لكونه سبب التعارف، وسلم التواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة.وإذا كانت جاهلية العرب قد أساءت إلى علم النسب أحياناً بسوء استخدامه، فإنها قد اساءت اليه أيضاً من ناحية عدم التدوين الذي تميز به العصر الجاهلي، ولذلك فقد تأخر تدوين الأنساب، ولم يبدأ الا مع بداية العصر الإسلامي. وبسبب غياب التدوين اضطر العرب إلى حفظ انسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والمشافهة، فاشتهر بذلك عدد من أبناء العرب، ينقلون هذا العلم، وينقل عنهم إلى أن جاء عصر التدوين فأخذ عنهم علماء النسب الأوائل.
ومع هذا فينبغي ان لا نغفل بعض الانتقادات الموجهة لقدامى النسابين كابن الكلبي وابن هشام والهمداني وغيرهم، غير أنه يجب التمييز بين جهودهم في حفظ الأنساب وبين بعض الهنات والروايات الضعيفة في مروياتهم.
الشجرة أو المشجر هو لفظ من الألفاظ التي توارد استخدامها من أرباب الفنون والمعارف، ليدللوا به على معانٍ تخصهم. من أولئكم معاشر النسابين، والشعراء، والصوفية، والأطباء ، ومفهوم شجرة النسب عند النسابين كما قال بعض النسابين أنّ مأخذ (التشجير) مأخوذ من (السبط)، وهو ضربٌ من الشجر، فجعل الأب اللذي يجمعهم كالشجر الذي يتفرع عنه الأغصان الكثيرة، ولذلك ينقش شكل الشجر في الأنساب ، قاله ابن فندق البيهقي.
وقف الإسلام من علم النسب موقفاً إيجابياً فاكتسب هذا العلم فضلاً وشرفاً تمثل بعناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحث صحابته على تعلمه، لكن الإسلام نهى عن سوء استخدام الأنساب، والمفاخرة بها لعصبية جاهلية. وكان علم النسب في البداية واحداً من فروع علم التاريخ ثم ما لبث أن صار علماً مستقلاً له أصوله وفنونه وأربابه. وانبرى للاشتغال به كثير من علماء الأمة امتداداً لاشتغالهم بعلم التاريخ الذي لا يستغني عن علم الأنساب والإحاطة به لمن أراد أن يعرف أمته وأعلامها من الأئمة و القادة والفاتحين والعلماء والمحدثين وغيرهم. وقد تواتر عن الأئمة عليهم السلام وعلماء الأمة التأكيد على أهمية هذا العلم، وبسطوا القول في فضله والترغيب به في مقدمات مؤلفاتهم في الأنساب. وامتد هذا الاهتمام إلى عصرنا الحاضر فألف فيه علماء كبار، أو قدموا لمؤلفات في الأنساب لغيرهم.
يكتسب علم الأنساب اهميته لدى الفرد بوصفه سنة كونية وغريزة إنسانية.هذه الغريزة التي تدفع الإنسان إلى معرفة اصوله وجذوره، وهي التي تجعل كتب الأنساب تحظى بهذا الإقبال وهذا الرواج، ليس عند العرب فقط بل عند كثير من الأمم، مهما بلغوا من العلم والتقدم كما سنرى.
أسباب حضارية :
يقصد بالأسباب الحضارية انه كلما زاد تحضر المجتمعات وازدهرت العلوم فيها فإن الاهتمام بعلم الأنساب يزداد، والبحث في هذا الموضوع يزدهر نتيجة للازدهار العلمي الذي تزداد معه الدراسات والأبحاث لكل مجالات الحياة بما فيها دراسة أحوال السكان وتاريخهم، والتعمق في معرفة جذورهم وسلالاتهم وعلاقة الجماعات بما فيها الافراد والاسر والقبائل والطوائف ببعضها.. وهذا بخلاف ما يعتقد البعض من أن الحضارة تقضي على موضوع الاهتمام بالأنساب.
والدليل على ذلك أن العرب في جاهليتهم مع ما هم عليه من شدة التعصب ومعرفتهم بأنسابهم ومحافظتهم عليها وتفاخرهم بها لم يؤلفوا الكتب في انسابهم ولم يتفننوا في رسم مشجرات العائلة والقبيلة ويضعونها على مداخل بيوتهم، كما هو الحال في عصرنا الحاضر، ومن أدلة ذلك أيضاً ان ازدهار التأليف في علم الانساب انما ظهر في عصور ازدهار الامة الإسلامية، فكثرت المؤلفات والمصنفات في العهد العباسي، ثم تراجع هذا الاهتمام في عصور الانحطاط، ثم عاد الاهتمام مرة ثانية في عصرنا الحاضر.
ونتيجة لانحطاط الامة الإسلامية وضعفها في القرن التاسع عشر في حين كانت أوروبا في اوج نهضتها العلمية فقد تخاذل المسلمون عن تحقيق ما خلفه أوائلهم من امهات كتب النساب ليقوم الأوروبيون بتلك المهمة. والدليل أن معظم كتب الانساب المعروفة اليوم التي أصبحت مصادر لهذا العلم إنما ألفت في عصور تفوق الامة وقوتها، ومن ذلك على سبيل المثال:
جماهير القبائل، وحِذف من نسب قريش، لمؤرج السدوسي (ت ١٩٥ هـ) ، ونسب معد الكبير، لابن السائب الكلبي، (ت٢٠٤هـ)، وابنه هشام (ت ٢١٣ هـ) ، وصاحب كتاب أنساب حمير وملوكها ، والطبقات الكبرى، لابن سعد (ت٢٣١ هـ) وجمهرة أنساب العرب، لابن حزم (ت ٤٥٦ هـ) ، والإكليل لأبي محمد الهمداني ، وتحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار،النسابة ضامن بن شدقم، وغيرهم.
ولو استعرضنا كتاب طبقات النسابين للدكتور بكر أبو زيد لوجدنا أن اعداد النسابين كانت تأخذ شكل العلاقة الطردية مع وضع الأمة الإسلامية، ومن ذلك مثلاً: إن عدد النسابين المترجم لهم بلغ (٤٧ نسابة) في القرن الأول، و ٥٨ في القرن الثاني، و ٨٢ في القرن الثالث، و ٨٨ في الرابع، و ١٠١ في الخامس، و ٤٨ في السادس، و ٤٦ في السابع، و ٣٥ في الثامن، و ٣١ في التاسع، و ١٧ في العاشر ، وهكذا يبدأ التنازل إلى حد الانقطاع لمدة ثلاثة قرون تقريباً، ثم ينبعث مرة أخرى في العصر الحديث.
لكن عصر انحطاط المسلمين وتراجع الحركة العلمية في القرون الإسلامية المتأخرة لم يقف اثره على التراجع الواضح في الكتابة بهذا العلم بل تعدى ذلك إلى إهمال المؤلفات التي كتبت عبر القرون السابقة وكان من نتيجة هذا الإهمال أن قام عدد من علماء الغرب في عصر نهضتهم الحديثة بدراسة ونشر أمهات كتب التراث الإسلامي، ومنها كتب أنساب القبائل العربية.
أما في البلاد العربية فلم تبدأ العناية بهذا الجانب إلا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن الرابع عشر الهجري «العشرين الميلادي» حيث ظهرت ادبيات كبرى في الانساب في أغلب البلاد العربية:
ففي مصر طبعت المطبعة الأميرية ببولاق العديد من كتب التراث ومنها كتب الانساب والتراجم التي يعدها العلماء اصولا رئيسة لعلم الانساب وأغلبها لنسابين مصريين في العصر الوسيط مثل : صبح الاعشى ونهاية الارب لابي العباس القلقشندي، والخطط المقريزية وقلائد الجمان في التعريف بعرب الزمان للعلامة المقريزي وتاريخ الفيوم وقبائله للصفدي ومسالك الابصار لابن فضل الله العمري، ولب اللباب في تحرير الانساب للسيوطي واعلام القرن العاشر للسخاوي وعشرات غيرها, ثم العالم محمد شاكر الذي حقق كتاب:« جمهرة نسب قريش» للزبير بن بكار، وصدر سنة ١٣٨١ هـ....
اما على صعيد التأليف فقد طبع كتاب "الخطط التوفيقية "لعلي باشا مبارك ١٩٠٥ م من سبعة عشر جزءا امتلأت بالأنساب النادرة المصادر للاسر النبيلة المصرية في هذا الوقت، كما قام عدد من رواد الباحثين باعادة طباعة امهات كتب الانساب ونشرها امثال: احمد لطفي باشا السيد في بداية القرن العشرين حيث الف كتاب "القبائل العربية في مصر " وقام نعوم شقير بتأليف كتابي تاريخ سيناء وتاريخ السودان حيث امتلأ بانساب قبائل هذين الإقليمين ثم توالت الكتب والاسفار في هذا الفن مثل عروبة مصر لشملول وقبائل العرب في مصر في القرون الثلاثة الأولى لخورشد البري والقبائل المصرية للحبوني وطبعت اجزاء تتناول انساب اهل مصر لجنود وضباط الحملة الفرنسية فيما يسمى ب (وصف مصر) لجوبير وغيره, ثم " موسوعة القبائل العربية " لمحمد سليمان الطيب و"معجم قبائل مصر" لايمن زغروت والكثير من كتب الانساب اليوم, وظهرت اعداد كبيرة من مواقع الانساب على الإنترنت.
و على صعيد اخر في الشام والعراق، فقد قام سليمان الدخيل (توفي سنة ١٣٦٤ هـ )، الذي قام سنة ١٣٣٢ هـ بطبع كتاب (نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب) للقلقشندي. وطبع كتاب (سبائك الذهب) للبغدادي. وأحمد وصفي زكريا (ت١٣٨٤هـ) الذي الف كتاب (عشائر الشام)، وطبع سنة ١٣٦٣ هـ، كما قام عمر رضا كحالة بتأليف كتابه الموسوعي العظيم (معجم قبائل العرب)، وطبع بالشام سنة ١٣٦٨ هـ. ثم توالت بعد ذلك جهود نشر كتب الأنساب وتحقيقها في البلاد العربية، حيث ظهر اهتمام بعض الكتاب العرب بالتأليف في أنساب القبائل العربية، كما قام كل من محب الدين الخطيب سنة ١٣٦٨ هـ بطبع الجزء العاشر من كتاب (الإكليل). وفي العراق الف عباس العزاوي كتاب (عشائر العراق)، وطبع سنة ١٣٦٥ هـ. وفي اليمن عُني العلامة محمد بن علي الأكوع بتحقيق كتاب (الإكليل) وطبع الجزء الأول سنة ١٣٨٣ هـ.
اما في شبه الجزيرة العربية فقد كان الشيخ حمد الجاسر هو الرائد في إحياء هذا العلم واستنهاض الهمم في التأليف والتحقيق فيه من خلال ما نشره في تحقيقات ومراجعات علمية لمخطوطات كتب الأنساب، وكذلك من خلال مؤلفاته مثل:« معجم قبائل المملكة» و« جمهرة انساب الاسر المتحضرة» وغيرهما, وكذلك الشيخ حمد الحقيل في كتابه :كنز الانساب ومجمع الاداب وكذلك مهجم قبائل الحجاز لعاتق غيث البلادي الحربي وغيرها. و في ليبيا قام التليسي بترجمة كتاب" معجم سكان ليبيا " وفي عمان قام السيابي بتأليف سفره الفريد "اسعاف الأعيان بانساب اهل عمان "
و اخذت مواقع الإنترنت التي تهتم بعلم الانساب في الانتشار واسهمت بنصيب وافر في الحوار والتواصل بين أبناء القبائل وبين النسابين والباحثين وهذه هي قائمة أكبر خمسة مواقع منها: موقع " النسابون العرب "موقع ملتقى القبائل العربية ومنتدى السادة الاشراف وانسابكم دوت كم وموقع العمرو ...
هناك أسباب أخرى وراء اهتمام بعض الكتاب والباحثين بالتأليف في مجال الانساب واصدار الكتب والموسوعات، وقد يكون من تلك الأسباب على سبيل المثال البحث عن الثروة أو الشهرة والمكانة التي يحققها الباحث في هذا المجال.
وهذا النوع من أسباب الكتابة هو اخطر الأسباب لانه لا يصب في خانة المؤلفات العلمية التي تقوم على المنهج البحثي الصحيح. وللأسف الشديد أيضاً فإن معظم المؤلفات المعاصرة التي ادت إلى ظاهرة زيادة اصدار كتب الأنساب تندرج تحت هذا النوع من المؤلفات، وذلك أن هذا العصر الذي سهل فيه التأليف وتيسرت الطباعة قد اتاح الفرصة للباحثين عن الشهرة من خلال التأليف، حيث وجدوا مجالاً يهم شريحة كبيرة من السكان، فاندفعوا يكتبون بلا ضوابط ولا قيود ولا معايير. كما أن هناك أسباباً أخرى تتمثل في البحث عن مثالب العرب. كما فعل بعض الشعوبيين.
لعلماء الأنساب طريقتان في تدوين الأنساب :
المبسوط : وهو تدوين الأنساب ببسطها على الصفحة مسطوراً كما يدون أي علم آخر. وهو الذي عليه العمل لدى أكثر أهل النسب.التشجير. بمعنى رسم سلسة النسب المبسوطة على شكل مشجر، وقد عني كثير من الناس بشجرة العائلة، وظهرت برامج إلكترونية تساعد على التشجير. وهذه الطريقة ما كان يتقنها أي أحد من علماء النسب، ولذا تجنبها الكثيرون منهم لئلا تختلط الخطوط ببعضها وينتج اللبس على القاريء.
والفرق بين الطريقتين، أن في المشجر يبدأ النسّاب بتدوين الشجرة بدأً بالابن ثم الأب ثم الجد حتي يبلغ الجد الأعلي. وأما في المبسوط فيبدأ من الجد الأعلي ثم الأبناء ثم أبناء الأبناء وهكذا إلي منتهي السلسلة مع بيان ما توفر من ترجمة للأعيان المعروفين من السلسلة وما يتعلق بهم من أخبار.
اهتم المستشرقون الغربيون بدراسة علم الأنساب، اهتماماً ظاهراً، وبرز هذا الاهتمام مع نهوض الحضارة الغربية، حدث ذلك في الوقت الذي تقاعس عنه العرب والمسلمون في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، فالمستشرقون هم الذين ترجموا امهات كتب الأنساب العربية، ومن ذلك على سبيل المثال:
١- في سنة ١٨٥٤م قام المستشرق الألماني فردناند وستنفيلد بطبع كتاب (الاشتقاق) لابن دريد، وهو كتاب في أنساب القبائل العربية. كما طبع في سنة ١٨٩٩م كتاب (مختلف القبائل ومؤتلفها) تأليف محمد بن حبيب ، ووضع جداول مفصلة لانساب القبائل العربية.
٢- في سنة ١٨٨٣ م قام المستشرق الألماني وليم اهلوارد (١٨٢٨م - ١٩٠٩ م) بطبع الجزء الحادي عشر من كتاب (أنساب الاشراف للبلاذري) على الحجر بخطه.
٣- في سنة ١٩٣٦ م قامت (الجامعة العبرية اليهودية) في القدس بطبع جزءين من الكتاب السابق، الجزء الخامس بتحقيق المستشرق (س. د .ف. جوتيين) .
٤- في سنة ١٩٣٨م قامت الجامعة العبرية أيضاً بطباعة الجزء الثاني من القسم الرابع من الكتاب نفسه، حققه المستشرق ماكس شتوسنجر.
٥- في سنة ١٩٤٨م قام الفرنسي ليفي بروفنسال بطبع كتاب (جمهرة أنساب العرب ) لابن حزم.
٦- في عام ١٩٤٩م قام السويدي (ك.و.سترستين) بطبع كتاب (طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب).
٧- في سنة ١٩٥١م قام ليفي بروفنسال أيضاً بطبع كتاب (نسب قريش) لمصعب بن عبد الله الزبيري .
غير انه ينبغي الا ننسى أن بعض المستشرقين قد شككوا في علم النسب، واثاروا شبهات كبيرة حول ما دونه علماء النسب الأقدمون الذين قامت على ايديهم مصادر علم الانساب، فطعنوا بأمهات كتب الانساب ككتاب ابن الكلبي وغيره، وكان على رأس هؤلاء المشككين نولدكه، وروبرتسن سميث، وغيرهما . وليس هنا مجال مناقشة آرائهم المبنية على تصورات بعيدة عن الواقع العربي، وقد تصدى علماء العرب والمسلمين لهذه الهجمة التي ترمي إلى تقويض علم النسب.