‎أصل بعض الاسماء والمعاني والالقاب الطرابلسية

‎أصل بعض الاسماء والمعاني والالقاب الطرابلسية


‎كان عهد الباشوات في العهد العثماني الثاني ...وبدايته بوصول قائد حملة الاسطول العثماني المتوجهه لطرابلس الغرب عام 1832م ...وهو مصطفي نجيــب بــاشــا ...حتي نهاية حكم اخر والي لطرابلس احمــد رشيــد بــاشــا بوصفه كاتبا عاما عام 1911م وبعدها جاء الاحتلال الايطالي . وقد بلغ عدد الولاة الذين تولوا حكم طرابلس الغرب 30حاكما تركيا يحمل كل واحد منهم .....
‎لفظ لقب الباشا تتم بناء علي فرمان"مرسوم سلطاني" صادر من جانب السلطان العثماني في اسطنبول ...فقد بلغ حكم هؤلاء الباشوات 76عاما بحيث لم تزد مدة حكم احدهم عن السنتين ...ذلك جعل كل باشا منهم يفكر كيف يجمع اكبر قدر من المال والغنائم خلال فترة حكمه قبل ان يأتي موعد الرحيل واستبداله بحاكم آخر جديد.
‎يقـــــال .....مع بدايـــــة العهد العثماني الاول وفدت الي طرابلس والي ليبيا عموما هي اسما لرؤوس عائلات تركية المنشأ عاشت فيها وتصاهرت مع الليبين فأصبحت تشكّل عددا لابأس به من الأسر الليبيه التي نعرفها اليوم !....وحملت نفس تلك المعاني والالقاب المأخوذة أساسا من اللغة التركيه.
‎بعض تلك الالقاب كانت تشير الي اوطان هجروها ونزحوا منها....مثلا لقب (الساقزلي) وهو اسم يشير الي جزيرة "ســـــاقز" اليــــونانيه" ....و"قورجي" من "جورجيا" في اسيا الوسطي ...والقره مانلي من "قره مينيا" من آسيـــا الصغري ...والنــــابولي من مدينة "نــــابولي" الايطاليه ...والازمرلي من مدينة "إزميــــر" التركيه
‎وبعضها الاخر يحمل القابا لها معان باللغة التركيه ....مثل لقــب بـيــرام وهو يعني العيـــــد ...ولقب السراج ويعني سارج الخيل اي عامل الاسطبل ....ولقب الكيخيا اي ناظر الباب وحامل ورق الباشا ولقب الكريكشي وهويعني الشخص المسؤول عن حركة التجديف في تحرك السفن الحربيه والتجاريه وذلك عندما تتوقف الاشرعة عن العمل . ...وهناك لقب كــــاره بمعني الاسود ...والشوشان "او الجوشان" وهو مراسل السلطان العثماني ...والشاوش وهو بمعني الجاويش رتبة في الجيش .
‎وبعض تلك الاسماء تدل علي أسماء قوميات مثل لقب الارناؤوطي ويطلق الاتراك هذا الاسم علي قومية الالبـــان .والقاب الكــــــردي من قومية الاكـــراد ...والتركي للقومية التركيه ..والــدغّــيّس من داغستــــان في اسيا الكبري.
‎هذه الالقاب والاسماء التي نزحت من اوطانها قد تكاثر نسلها عندنا حتي أصبحت من أصول الي فروع تسكن المدينه واخري منها تسكن المنشيه .
‎والمتتبع لسيرة ظهور عثمان الساقزلي "اليوناني الاصل واسمه ليـــون جوفاني" علي سطح الحكم في طرابلس كان بدايتها لسيدة يونانية الجنسيه اسمها إيـــريــن ....كانت إيـــريــن اخت لعثمان باشا الساقزلي....وهي زوجة لاحد كبار رجال العهد العثماني الاول حسين الساقزلي ...بقيت ايرين زوجة ولكن بقيت علي دينها النصراني ...وعندما لحقها شقيقها عثمان بطرابلس بمكان اقامتها في زيارة خاصة بدعوة من صهره حسين ....كانت ايرين وحيدة الاخوه تعيش حياة الغربة بعيدة عن أهلها ....وكان عثمان يتهيأ الفرصه لزيارة أخته في طرابلس حتي حصل علي مركب تـنقله
‎الي طرابلس ....فودع عثمان الساقزلي اباه وامه "صوفيا" ليكون في انتظاره مركبا يونانّيا محملا بالبضائع ومتجها الي غرب ايالةمدينة طرابلـــس الغرب .
‎ولكـــــــــن كان القدر معاكسا لطموح عثمان !...فقد تم اسر هذا المركب من قبل اسطول البحريه الطرابلسيه ...واقتيد المركب الي جهة نائية بالبحر بمرفأ طرابلس البحري "الشعّـــــاب".
‎وهبط عثمان الساقزلي ومن معه من المركب ...ولكن عثمان اطلق سراحه بمعرفة صهره الذي كان موجودا ومعه اخت عثمان وقتها بالميناء! ....وقامت ايرين بمرافقة أخيها عثمان الي منزلها
‎بالمدينة القديمه بطرابلس ...ومنحت له حجرة ضيقة للاقامة معها حتي يجد موطن شغل يقتات منه .....تعرف خلالها عثمان علي فتاة يونانيه من بني جلدته تعمل ساقية باحدي حانات المدينه "طبرنه"....كانت هذه الحانه الصغيره بداخل خان "فندق" بالقرب من وسعاية النصاري "ميدان السيده مريم " بباب البحر بالمدينة القديمه ....كانت فتاة جميله في عمر الزهور مقارنة بعمر عثمان الساقزلي ...كان عثمان هائما بها لدرجة أن غرر بها ووقعت في الخطيئة معه !....ولما كان الموقف صعبا امام صهره وأخته أضطر ان يسافر بها عثمان ويفر الي تونــس بواسطة قارب صغير ...ومكث معها في تونس حتي قبض عليه يتسول ووقع أسيرا بيد "مصطفي شريــف داي" الذي كـــــــــان وقتهـــا يمــلك طرابلـــس الغــرب ....وجد الداي ان ليون جوفاني مسيحيا فاقنعه باعتناق الاسلام !
‎وكان شرط تحريرعثمان من الرق والعبوديه هو تحوله الي ديــن الاسلام ...وبذلك اصبــــح ليــــون علجا مسلما يحمل اسم عثمـــــان مبقيا علي لقب الساقزلي !...عثمان الساقزلي....ونصحه الداي ان يعود لطرابلس وينخرط تحت لواء الدولة العثمانيه ....وكان له ماأراد حتي صار قائدا للجنــد ....وفي عهد صديقه وابن جلدته محمد باي الساقزلي اصبح من بعده "داي" ياتي لخلافة طرابلس الغرب 1672م
‎في ماكانت إيرين اخت عثمان قد أسلمت ولحقت بزوجها الذي اسلم قبلها ..وصار ابن اخت عثمان "رجـــــب" من احد الباكاوات ...ولم لا ؟ وقد خلع عليه خاله عثمان باشا لقب البيك !
‎وعينه قـــــائدا لجنـــــــده ثم زوجه من ابنته قميــــــره ...كما زوج ابنته الاخري فـــاطمــــه الي يوناني مسلم اخر يحمل نفس اسم صهره رجب ....اما ابنته الثالثه "اللا حليمه " فكانت أمها زنجيه وقد تم زواجها بعده ....كان عثمان الساقزلي "مزواجا" بمعني له العديد من الزوجات حتي انه أنجب ال30 من الابناء ذكورا واناثا!...كانت احداهن من الزوجات ممن اصبحن من حريم القلعه وتدعي فــــاطمه ...كانت من الفاتنات الجميلات في الحريم ...ولكنها في الوقت كانت لها علاقة سرية خاطئه بأحد تجــــار طرابلــــس !...وسمع عثمان بتلك العلاقه وتداولت بين السنة الناس ....وتظاهر عثمــان في بادئ الامر بأن هذه القصة لاتعنيه من بعيد أو قريب !.....ولكنه قرر الانتقام!...فطلقها ...ثم اشتد به الغيط فسار الي دارها مع رجاله المدججين بالسلاح ليفرغ فيها غدارته فقتلها ومن كان معها ومن كان حولها من حرس نساء ورجال ....من بين تلك النساء كانت عجوزا تعمل وسيطة لها ...واخري خادمة زنجية مسؤولة عن زينتها ....وقذف بجثة القتلي جميعـــــــــا في البحـــــــــــر ....ليقفل الملف!!
‎كان عثمان داي الساقزلي قاس..صعب المراس انتقامي من الدرجة الاولي ...كان يحب ان ينفذ عقوبته بنفسه ....اما بالجلد بالسوط علي اجساد معذبيه وهم عراة "بالكرباج المفتول" ..وإما باستخدام جريد النخل المدبب بالسُل حتي يدمي معذبيه "نخصا واهانه"! كان ذلك العقاب "العلني" يتم أمام اعين الناس من رعيته كل مساء بالقرب من ساحة القوس الروماني "قوس ماركوس" بباب البحر بالمدينة القديمه .
‎ظن عثمان أن جاريته تسرقه فقام بعد تعذيبها وجلدها ببتــــــــــر اصابع يــــدها امعانا في القسوة والتعذيب وارضاء نشوته للانتقام وحبه في القصاص من الضعفاء مثل تلك الجاريه!...ترك تلك الجاريه عاجزة عن الحركة بدون أصابع التي كانت تعمل في خدمته!!
‎ولكن حكمة الله ابت الا ان يموت عثمان باشا الساقزلي ذليلا منتحرا علي فراشه عندما احتسي السم قبل ان يصله الموت علي يد اعدائه الذين حاصروا قصره بباب البحر!