الطوارق

الطوارق

لأصول التَّاريخيَّة للطَّوارق:
يرجعُ الطوارقُ في أصُولهمْ إلى فرعٍ من فروعِ صنهاجةَ الْجنوبِ (الْملثمينَ)، وتتكونُ من تجمعاتِ قبائلَ: لمتونة، وجدالة، ومسّوُفة، ولمطة، وجزولة، وبنو وارث. وهم سكان الصحراءَ الْكبرى الْقدماءُ، أمَّا البعض فَيُرجِعُهم إلى قبائلِ الْجيتول الليبية الْقديمةِ.ذ
وأغلبُ الظنِ أنهم ينحدُرون من صنهاجةَ. وهُم من الهجراِتِ الْعربيَّةِ الأخيرةِ إلى شمال أفريقيا، قبل الْفتح الْعربيِّ الإسلاميِّ بحوالي ستةِ قرونٍ، وهم الذين جلبُوا الْجملَ إلى شمال أفريقيا من الْجزيرةِ الْعربيةِ.
ويكادُ الإجماع ينعقدُ في نسبةِ الطوارقِ إلى البربرِ على وجهِ العموم، وإلى قبيلةِ صنهاجةَ وفُرُوعِها لمتونة وجدالة ومسوفة، على وجهِ الْخصوصِ. أما الطوارقُ أنفُسُهم فلا يُخالِطهُم ريبٌ في نسبتِهم إلى صنهاجةَ.
وصنهاجةَ يرفعون أنسَابَهُم إلى حمير ... ولهم ظَوَاعِنُ في الصحراءِ رحالةٌ ... ومرَاحِلُهُم في الصحراءِ مسيرةُ شهرينِ ما بين بلادِ السودانِ، وبلادِ الإسلامِ وهُم على دينِ الإسلاِمِ أتباعٌ للسنةِ، وليس بينهم وبين الْبربرِ نسبٌ إلا الرحم، وأنهم خرجوا من الْيمنِ وارتحلُّوا إلى الصحراءِ وملكوا ... بلادَ التكرورِ بالقوة ….
وفي مخطوطِ (فوائدُ من غابرِ الأخبارِ في أصولِ الأنسابِ) فأنَّ الطوارقَ يرجعُون في أصُولهم إلى صنهاجةَ وهم السُّكانُ الأصليُون لشمالِ أفريقيا، وليس أدلُّ على هذه الْحقيقةِ من أن الطوارقَ مازالوا إلى الآنِ يكتبون التيفيناغ.
وقد أشارَ إليهم ابن خلدون بقوله: (من صنهاجةَ الْملثمون الْموطَّنُون بالْقفارِ والرمالِ الصحراويةِ في المجالاتِ هناكَ والتَّنايفِ والمجاهلِ منذُ دهورٍ قبل الإسلامِ لا يُعرفُ أوَّلُها، فأسْحُروا على الأريافِ ووجدُوا بها المرادَ وهَجَرُوا التلولَ وجَفوْهَا واعتاضُوا منها بألبانِ الأنعامِ ولحُومِهَا، انتباذاً عن العمرانِ واستئناساً بالانفرادِ وتوحشاً بالعزِّ عن الغلبةِ والقهرِ. فنزلوا من ريفِ الحبشةِ جوارًا وسكنوا ما بين بلادِ البربرِ وبلاد السودانِ حجزاً واتخذُوا اللثامَ خِطاماً تَمَيُّزاً بشعارهِ بين الأممِ... ومحلُّهم ما بين البحرِ الْمحيطِ الغربيِّ إلى بلدِ غدامس ... ولم يزالوا مستقرينَ بتلك المجالاتِ الواسعةِ حتى كانَ إسلامُهم بعد فتح ِالأندلسْ. وكانتِ الرئاسةُ فيهم للمتونةَ) .
وهناك روايتانِ عن أُصولِ الطوارقِ الأولى تنسِبُهم إلى الْبربرِ. والثانيةُ تنسِبهُم إلى قبائلِ حمير. والروايتانِ تؤديانِ إلى نفس ِالْنتيجةِ.
إذا أخذَنا بالأراءِ القائلةِ بإنَّ الْبربرَ ما هُم إلاَّ أولئك العربُ الرُّحل، الذينَ قسَّمهُم النوبيُّون إلى قسمينِ:
أ- الْكُوشيُّون وهم رعاةُ الصحراءِ الشرقيةِ من النيلِ إلى البحرِ الأحمرِ.
ب- الأمازيقُ، وهم رعاةُ الصحراءِ الغربيةِ من النيل إلى المحيط الأطلسيِّ.
وليس أدلُّ على عروبةِ الْبربرِ من اندماجهِم مع العربِ الفاتحينَ وتشكيلِ أُمَّةٍ واحدَةٍ، استجابت لتطوراتِ الْحياةِ . حسب ما أقرَّهُ بعض المؤرخين العرب كالإدريسي والبكري. خِلافاً للرأيِّ المتأثرِ بالْمدرسةِ التاريخيةِ الإستعماريةِ التي سعتْ إلى بثِّ الفُرقةِ وزرْعِ رُوحِ الانقسامِ في الأمةِ العربيةِ الإسلاميَّةِ.
ثانياً: إن الكُتَّابَ الأفارقةَ، يؤكدون على أن الطوارقَ عربٌ، وأنهم كسبوا هذه اللغةَ أثناءَ هِجرَتهِمْ من اليمنِ والمرورِ بشمال أفريقيا، والاختلاطِ مع الأمم القاطنةِ هناكَ أصالةً أو استيطاناً واستعماراً، وهذا الرأيُّ يذهبُ إليه الكثيرُ من المؤرخينَ الْعرب، والذين يُعيدونَ أصولَ الطوارقَ إلى العربِ اليمنيةِ. وبهذا تلتقي الأقوالُ لتؤكدَ عُروبَتَهُم.
ومما يؤكدُ ذلكَ أن أغلبَ الطوارقِ متمسكُون بعروبتِهم، ويعرفُون أُصُولَهُم، ويُحاِفظون عليها عن طريقِ حفظِ سلاسِل أنسابهِم، وقلما تجدُ طارقياً، وخاصةً من ذَوِي العلمِ، من لا يتمسكُ بعرُوبَتهِ وانتمائهِ إليها.