* الشيخ الجليل المجاهد علي بك بن تنتوش

* الشيخ الجليل المجاهد علي بك بن تنتوش

 

( 1853م/1929م ).

* ولد عام 1953م بقرية جنزور العامرة وهو سليل عائلة بن تنتوش الشهيرة بمدن وقرى ورشفانة وطرابلس والتي تنحدر في اصولها الاولى لقبيلة بني سليم القبيلة العربية المشهورة .تربى في بيت ضارب في العراقة والفروسية فوالده وجده من أعيان القبيلة وشاركا ، بفاعلية في الحرب الضروس، التي دارت رحاها سنة ( 1832م - 1835م) بين ما عُرِفَ آنذاك، بالداخل والخارج، أو حكومة المدينة وحكومة المنشية.

* أرسله والده إلى زاوية عمورة بقرية جنزور لتعليم وحفظ القرآن الكريم والفقه وعلوم اللغة العربية عن شيوخها النابهين، وبعد أن نهل من علومها، انتقل للإقامة لسانية جدة الفقيه عمر بن تنتوش بشارع ابي هريدة وانخرط بالدراسة بزاوية ميزران التي كانت مركز إشعاع متقدم للعلوم الدينية، والشرعية واللغة العربية بطرابلس، حيث تخرّج ونال منها الإجازة التي تؤهله لأن يكون قاضيا.

* عُيِّنَ قاضيا شرعيا، بمحكمة طرابلس بقى بها وقتا، ثم نُقِلَ إلى مدينة مزدة حاضرة القبلة، في الجبل الغربي، ومَكثَ فيها زمنا، ومنها نُقِلَ إلى مدينة ككلة مديرا لها وهي ركن مكين، من أركان الجبل الغربي، ومنها انتقل مديرا لمنطقة الأصابعة .

* استقر به المقام بمدينة يفرن العامرة، وقضى بها فترة طويلة، الى ان نقل إلى مدينة العزيزية عاصمة اقليم ورشفانه ليشغل لأول مرة، بعد ترقيته منصب ( قائمقام ).

* وطّد الشيخ علي بن تنتوش علاقاته الاجتماعية والإنسانية، مع وجهاء الجبل الغربي وأعيانه على اختلاف أجناسهم وقبائلهم، وارتبط معهم بعلائق جدّ رفيعة؛ إلى درجة أن أُطلِقَ لقبه ( تنتوش ) على مولود لاحد أصحابه، من مدينة يفرن، وعلى وجه الخصوص في إحدى العائلات الأمازيغية التي تقطن المدينة، ومازال هذا اللقب مشهورا بينهم، حتى وقتنا الحاضر، ويروى ان احد أصدقائه الذي لم يكن له ولدا رزقه الله بمولود ذَكَر في ليلة إستضافته للشيخ علي بن تنتوش، فأطلق على مولوده الجديد؛ اسم تنتوش تيمنا بالشيخ .

* ذهب الشيخ علي بن تنتوش، على رأس قوة من المجاهدين المتطوعين لنصرة توارق إزقر ولصد الحملة التي قامت بها فرنسا اواخر القرن التاسع عشر لاقتطاع منطقة غات ومنطقة غدامس، والسيطرة على طريق القوافل، وقد استطاعت هذه الحملة صد الهجوم الفرنسي فضلا عن المحافظة على وحدة التراب الليبي حيث منح الوسام العثماني الفضي تكريما له اثر انتهاءالحملة.مستند رقم 1

* خلال العام 1908م إنتخب لعضوية، مجلس نظّارة ولاية طرابلس العثمانية الى بداية الغزو الإيطالي.

* كان للشيخ علي بن تنتوش دور غاية في الأهمية داخل الجبل الغربي؛ حيث قام برأب الصدع بين القبائل العربية، والقبائل الأمازيغية إبان الغزو الإيطالي، وأسهم في إعادة الثقة، ووحدة الصف فيما بينها

* وعند بداية الغزو الايطالي فى اكتوبر 1911م كان الشيخ في ذلك الوقت بالعقد السادس من العمر وهذه بلا شك سن تفرض احترام صاحبها وما ان انتشر خبر غزو ايطاليا الاستعمارية للأراضي الليبية كان الشيخ علي بن تنتوش في طليعة المجاهدين، بل أهم القادة الذين اتصل بهم القائد نشأت بك قائد الحامية العثمانية بطرابلس ( يروي الشيخ الطاهر الزاوى انه كان من الشباب الذين رافقو الشيخ فرحات بك الزاوي من الزاوية لحضور اول اجتماع مع القائد العثماني نشأت بك والشيخ على تنتوش بمنطقة سواني بن يادم لبحث الترتيبات اللازمة للتصدي للغزو الإيطالي

* أقتنع القائد التركي نشأت بك، بضرورة الجهاد ضد الطليان، وبعد هذا الاجتماع اندفعت القبائل الليبية شيبا وشبابا، من كل حدب وصوب، متقاطرة إلى مدينة العزيزية التي اتخدها القائد نشأت بك مقرّاً لقيادة المجاهدين ونقل اليها ما تبقى من عتاد وأسلحة وذخائر بمخازن حامية طرابلس ، عاقدين العزم على المقاومة، مهما كان الثمنُ باهظا.

* آثر الشيخ علي بن تنتوش الجهاد؛ فحشد الجموع، وشحذ الهمم، وبثّ فيهم روح الإقدام وجعل من منطقته قلعة عصية، أوقفت زحف الطليان فترة طويلة.

* شارك بالإشراف والتخطيط والقيادة بمعية من تبقى من الضباط الاتراك للمعارك الاولى بشارع الشط والهاني وعين زارة وقرقارش وسيدي عبدالجليل

* وفي نوفمبر 1912م إستضاف بالعزيزيه مؤتمر للتشاور بين أعيان ومشائخ مدن وقبائل الغرب الليبي لمدة ثلاثة ايام عُرف بمؤتمر العزيزيه الذي اتخذت به قرارات هامة.

* عند الإعلان عن الجمهورية الطرابلسية في نوفمبر عام 1918م انتخب الشيخ علي بن تنتوش عضوا بمجلس الشورى - وعضوا بحكومة الإصلاح المركزية التي انبثقت عنها، حيث تم الاتفاق على رفع درجات تمتيل مناطق رؤساء الجمهورية الأربعة الى متصرفيات بدلا من قائمقاميات فأصبحت مصراته وترهونة ورفلة متصرفيات الا ان المدن والقرى العربية بالجبل الغربي رفضت ولاية سليمان الباروني عليهم بسبب الفتنة التى وقعت بين اهالى الجبل من العرب والأمازيغ فتم الاتفاق بقبول الشيخ علي بن تنتوش ليكون متصرفاً للواء الجبل لما يحضى به الشيخ من سمعة طيبة وسيرة حسنة من جميع الاطراف

* ولمّا انخرط الليبيون في سياسة المفاوضات، مع الحكومة الإيطالية الغازية اختاره قادة الجهاد ممتلا بهيئة المفاوضات، التي ابتدأت بتاريخ الأول من مارس سنة 1919م في خلة الزيتون بسواني بنيادم حيث أُنجز خلالها ما يعرف (بصلح بن يادم) نتج عن ذلك قرارات مهمة أرغمت الحكومة الإيطالية وهي فى حالة من الضعف على منح الحكم الذاتي لمناطق نفوذ المجاهدين وتم إصدار ما عُرف بالقانون الأساسي الذي توج باعتراف حكومة ايطاليا ومصادقة ملك ايطاليا فيكتوريو إيمانويل عليه.

* يروى انه الشيخ علي بن تنتوش طلب من رمضان السويحلى الذي جاء لطرابلس بعد الصلح للمشاركة بالاحتفال طلب منه عدم البقاء بمعسكر ابي ستة الذي أشار له به بعض الأعوان وذلك خوفا عليه من غدر الايطاليين حيث استضافه ومن معه من رجال بسواني المشاشطة لبضعة أسابيع - وحين قرر الرجوع لمصراته أرسل معه فرقه من الفرسان بقيادة ابنه المجاهد صالح بن تنتوش لمرافقته وتأمينه الى منطقة وادي كعام.

* أشرف الشيخ علي بن تنتوش على الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر غريان التي استضافها بقصر العزيزية حيت بحث فيه المجاهدون بنود ومحاور مؤتمر غريان وكلف ابنه الشهيد صالح والشيخ بمحمد أفندي بن عقل لحضور المؤتمر .

* ولما بسطت إيطاليا نفوذها على المنطقة الغربية من ليبيا وبعد سقوط مدينة الزاوية في أيدي الطليان، سنة 1922م انكسرت شوكة المجاهدين، وزحفت جيوش الطليان على العزيزية ورفعت رايتها فوق قصر العزيزية وتمكنت من القبض على الشيخ علي بن تنتوش وحوكم بتهمة خيانة إيطاليا، وتأليب وتموين المتمردين !!

* أُودِعَ الشيخ في غياهب السجن، وبعد محاكمة هزيلة وغير قانونية بمدينة مصراته التي إصدرت حكماً منطوقه : (( حكمت المحكمة العسكرية الإيطالية بمصراتة؛ على الشيخ علي امحمد عمر تنتوش، وعمره 80 سنة حكماً مخففاً بالسجن المؤبد (30سنة) وذلك مراعاة لكبر سنه ويحكى أن الشيخ ضحك وقال للقاضي عليك ان تكمل الباقي فانا لن أعيش هده السنين.

* للشيخ علي بن تنتوش اثنا عشر ولدا من الذكور، منهم :

* صالح الذي تولى قيادة محلات السواني وجنزور وقرقارش ونفذ عمليات أرهقت العدو منها تفجير خطوط سكك الحديد والإغارة على معسكرات ال81 التى تعرف بالطنطونه حاليا بمنطقة ميزران قبض عليه ونُفي الى جزيرة اوستيكا بالجنوب الايطالي لعده سنوات اعيد لطرابلس عام 1923م كان ذلك بعد سقوط العزيزيه بيد الطليان انتقل لبني وليد بمعية رفيقه بالمنفى الشيخ عبد الرحمن زبيده احد زعماء ورفلة حيث شارك بمعركه وادي دينار الا ان الطليان تمكنو من القبض عليه وصدر بحقه حكما بالإعدام شنقا ونفد الحكم بساحة الشهداء بالعزيزية في 1 ديسمبر 1925م حيث

* أما ابنه عثمان، أعدم رميا بالرصاص، بعد القبض عليه بمعركة المعمورة ويذكر الاستاذ محمد الا سطى بكتابه ورقات مطوية يعرفه شخصيا وانه راى بجسمه 26 جرحا غائرا جراء ما تعرض له من قتال الايطاليين مستند رقم 8.

* بينما استشهد ابنه مصباح بمعركة الزغواني بجنزور وأما ابنيه محمد وقاسم، فكانا من ممن أوفدوا للكلية الحربية العثمانية بإسطنبول وكانا لهما ادوار مذكورة في مصادر عديدة تركت بصمات مضيئة، في تاريخ ليبيا الحديث.

* توفي الشيخ الجليل علي بن تنتوش - رحمه الله – مغبونا في سجن ( فورنتو ) بقلعة قرقاش الرومانية القديمة بمدينة طرابلس، بسبب عمليات التعذيب، والأعمال الشاقة، وعدم الرعاية الصحية بتاريخ 20 يناير عام 1929م وهو يقضي حكما جائرا، عن عمر يناهز الثمانين عاما، وسيظل ماثلا في ذاكرة الليبيين رمزا، وزعيما نحسبه عند الله من الشهداء