حكاية فيــــــــــــلادلفيـــــــا مع اسطول يــــوسف بـــاشــا القره مانلـي

حكاية فيــــــــــــلادلفيـــــــا مع اسطول يــــوسف بـــاشــا القره مانلـي

حكاية فيــــــــــــلادلفيـــــــا مع اسطول يــــوسف بـــاشــا القره مانلـي :-
كانت السفن الامريكيه تسرح وتمرح في المياه الاقليميه في عهد يوسف باشا ولكن تحت العلم الانجليزي لأن امريكا كانت وقتها مستعمرة إنجليــزيــه .
في عام 1766م تحصلت امريكا علي استقلالها من بريطانيا ...ثم فكرت امريكا في بناء اسطولها البحري رافعة علي صواريها الاعلام الامريكيه !...ومن اجل ضمان عدم تعرض الاساطيل الامريكيه للقرصنه والنهب والاحتجاز ..كان علي امريكا ان توقع معاهدة سلام مع دول الشمال الافريقي ودفع اتاوه سنويه لها خاصة لطرابلس حتي تضمن سلامة السفن الامريكيه من التعرض لاي قرصنه بحريه والاستيلاء علي سفنها وبالذات الخطر المتمثل في البحريه الطرابلسيه في عهد يوسف باشا القره مانلي .....وحيث ان امريكا اصبحت دولة ناشئة جديده وفي حاجه لكل سنت لم يكن لديها القدره علي دفع الضرائب "الباهظه" والاتاوات والهدايا لباشا طرابلس ...عليه طلبت من دولة البرتغال حماية سفنها البحريه في المتوسط ولكـــــــن كما يُقال: (إتـلّـم المتعــوس علي خــايـب الرجي) ..رفضت البرتغال طلب الامريكان ...لأن سفن البرتغال نفسها لم تكن لها تلك القوة الذي تستطيع ان ترد بها علي اي قرصنه بحريه لسفن يوسف باشا ..ولاتعير البحريه الطرابلسيه أي احترام للسفن البرتغاليه !
عرّجت امريكا علي فرنسا وطلبت منها التوسط لدي يوسف باشا لتخفيض قيمة الضرائب والاتاوات والهدايا....ولما كانت فرنسا وانجلترا يعتبران من الدول الكبري التي لها شأن كبير في المجال البحري والتجاري وتملك الاساطيل البحريه القويه بالاضافة الي انهما موقعتان علي اتفاقية بينهما بأن يحافظا علي مستواهما الكبير في الشأن البحري ولن يسمحا لاي اسطول بحري صغير تكون حديثا أن يُعتبر "رفيقهما" في هذا المستوي العالمي ....وبالتالي رُفض الطلب الامريكي للتوسط لدي الباشا يوسف بتخفيض الضرائب والاتاوات علي السفن الامريكيه (وصـــــــاحب صنعتــــــك عــــدوك!)....ولما فشلت الواسطه بعتث امريكا قنصل امريكي جاء لطرابلس عام 1799م وجلب معاه هدايا للباشا يوسف القره مانلي واتفق معاه علي دفع اتاوه سنويه .
وفي العام التالي بلّغ يوسف باشا القنصل الامريكي بضرورة ان تدفع امريكا اتاوة لطرابلس تعادل قيمة الاتاوه التي تدفعها امريكا لدولة الجزائر! ...ووصل تهديد الباشا لرئيس امريكا ولم يعر اي اهتمام للموضوع ! ولم ينتظر يوسف باشا ان ياخذ الموضوع اكثر من زمنه المحدد فأصدر الامر لبحريته بمهاجمة السفن الامريكيه واعتراضها في البحر ... وسمع الرئيس الامريكي بقرار يوسف باشا عندها عبر رئيس امريكا ليوسف عن طريق القنصل بضرورة ايجاد حل سلمي ينهي الصراع بينهما ..وانه يتمني الخير لطرابلس واقامة علاقات طيبه معها ...رد عليه يوسف: انا اريد افعالا لاأقوالا ....لابد من دفع اتاوة تعادل ماتدفعونه للجزائر....واذا لم يعجبك كلامي فلكل واحد منا الحق في ان يفعل مايريده !
ونزلت كلمات يوسف باشا كالصاعقة علي رأس رئيس امريكا وبات يفكر كيف يكسر (طغيان وشوكة) يوسف باشا . ولكن كيف يستطيع الرئيس الامريكي ان ينهي اسطورة سيطرة يوسف باشا البحريه وبلده دولة ضعيفة ناشئة لاتستطيع ان تفرض رأيها علي أعدائها ؟
وخرجت جماهير الشعب الامريكي في مظاهرة كبيره للمطالبه بصرف الاف الدولارات لتحسين أداء القوة البحريه الامريكيه من اجل الرد علي هجمات اسطول يوسف البحري ورفض اعطاء يوسف باشا مستقبلا اي ضرائب او اتاوة او هدايا!
وبدأت امريكا تفكر (دون علم يوسف باشا) في تحسين اداء اسطولها البحري وفي نفس الوقت التي كانت تفاوض طرابلس في موضوع الاتاوه ... طلبت من سفيرها في لندن التشاور مع مندوب يوسف باشا في لندن حول تخفيض الاتاوة وفشل الموضوع . ثم توجهت امريكا لداي الجزائر حسن باشا وبمساعدة قنصل هولندا لعرض مبلغ 250000فرنك سنويا كأتاوة... وافق يوسف باشا علي مبلغ الاتاوة بوساطة داي الجزائر ...ولكن بعد وفاة داي الجزائر ماطلت امريكا وامتنعت عن دفع الاتاوة المقرره .
وطلبت امريكا من ابن داي الجزائر التوسط لتخفيض الاتاوة!...وكان رد يوسف علي ابن داي الجزائر (ان النصاري لاعهد لهم ..وان حياتهم مبنيه علي الغش والخداع والمراوغه ..ولابد من اعطاء امريكا درسا لن تنساه "وارجوك خليك بعيد عن الموضوع" ...واني لدي خطه تجعل امريكا تكره اليوم اللي كونت فيه اسطولا بحريا !!) . القنصل الامريكي كان موجودا في طرابلس حيث بلّغه يوسف إما دفع الاتاوه او الاستعداد للحـــــــــرب ! وحاول القنصل اختلاق المعاذير وتأجيل الموضوع ...أحس يوسف ان هناك أمرا يدبر في الخفاء فاستبق الاحداث وأوعز الي قائد اسطوله البحري بالاستيلاء علي اي سفينة امريكية تعترضه !
سمع القنصل الامريكي بالخبر فنكس علم بلاده وقفل القنصليه وغادر طرابلس عام 1803م .
وتحول الانتقام الامريكي الي فعل !....في اكتوبر1802اصدرت الحكومة الامريكيه الأمر الي القائد الاسطول الامريكي "مــوريـس Maurice" بمهاجمة طرابلس و"تأديب يوسف باشا وتلقينه اول درس عملي لمدي قـــوة الاسطول البحري الامريكي "!
وتحرك الاسطول نحو طـــرابلس ...وبمجرد ان لاحت بوادر وصوله لميناء طرابلس انطلقت مدافع القلعه والسواحل نحوه بوابل عنيف ومتواصل من القنابل...وجمد الاسطول الامريكي في مكانه علي بعد مئات الكيلومترات من الميناء . قامت المدفعيه الامريكيه بالرد علي مدافع القلعه والسواحل ولكن لم تحقق اهدافا تُذكر !...حينها ادرك موريس ان هجومه علي طرابلس قد فشل وقرر العودة الي امريكا . ....استُدعي موريس للتحقيق والمساءله وكانت النتيجة أن فُصل من عمله بالخدمه البحريه! ....وفي عام 1803 جهزت امريكا الحملة الثانية علي طرابلس بقيادة القائد البحري "بــريـبـل Prebel" باسطول مكون من 7 قطع بحريه بما فيها الفرقاطة فـيـلادلـفيــا والتي كانت اقوي القطع الحربية البحرية في الاسطول الامريكي البحري ...كانت فيلادلفيا مزودة ب (42مدفعا بحريا) .
أحس بريبل بخطر المجازفه للوصول الي ميناء طرابلس بكل اسطوله وفّـكّــر! ...اختار بريبل الباخره فيلادلفيا ومعها الفرقاطه "فيوكس Feux" تساعدها في مهمة تدمير مايمكن تدميره من معالم طرابلس ..ولكي تـتبث ليوسف باشا ان الاسطول الامريكي اصبح قويا ويُحسب حسابه !...ولاحت في الافق وقريبا من ميناء طرابلس بمسافة معقوله الفرقاطتان ...وبدأتا في اطلاق القنابل دون تصويب ولكن من اجل ارهاب اهل طرابلس فقط! ومدفعية الباشا ترد عليهما .
20يوما وفيلادلفيا وفيوكس تحاصران طرابلس وتلقي قنابلها عشوائيا وكانت هذه خطة قائد فيلادلفيا (بيـنـبريدج) . ولكن علم بينبريدج ان لاامل في تحقيق تخريب اودمار لمعالم طرابلس فآثر العودة من حيث أتي ! ....وقرر فك الحصار عن طرابلس والرجوع لامريكا ولكـــن قـــوة الريـــاح اجبرته الي الالتجاء لشــرق المينـــاء ....في هذه اللحظه انطلق قـــارب الرّيس (محمد آغــا بن نابي والمشهور بزريــق) لمناورة الفرقاطة فيلادلفيا من اجل ملاحقته واغرائها بالاقتراب اكثر من شاطئ الميناء حتي تـتمكن بحرية يوسف باشا من اصابتها اصابة مباشره !...هذا المغامر زريق جعل بينبريدج يضطره لملاحقته ولم يكن يعلم بينبريدج ان الشاطئ به صخورا وان المياه ليست بالعمق الكافي لتحرك الفرقاطه . وغاصت مقدمة الفرقاطة في مكان لم تستطع التحرك بعده . واضطربت احوال الجنود الامريكان وهرع جنود بحرية يوسف باشا الي فيلادلفيا فألقوا القبض علي بحارة فيلادلفيا .
بــريبل القائد السابق للاسطول كان في رحلة بحريه وسمع من سفينة انجليزيه بخبر هزيمة فلادلفيا ...واوجعته الهزيمه وقرر الا يعطي الفرصة لبحارة يوسف باشا من الاستفادة بالفرقاطه فيلادلفيـا ...فجاء خلسة في الليل واشعل النار فيها ....ولم يبق من حطامها الا ساريتها المعلقة اليوم علي سور السراي معلنة انتصار البحريه الطرابلسيه علي الاسطول الامريكي !