سكان طرابلس العرب
توجد بطرابلس الغرب مجموعات اجتماعية ، لا أثر لها قبل القرن الخامس عشر ، هؤلاء هم الاشراف القادمون من فاس ، والمرابطون الاصلاء من الساقية الحمراء (في المغرب الجنوبی ومن اسبانيا ،
والكولوغلية ، المنحدرون من الانكشاريين الأولين الذين جاءوا من تركيا مع سنان ودرغوت باشا ، اللذين استوليا على طرابلس الغرب في عام
1551 بعد آن نزعاها من الاسبان . الاشراف او الشرفة يكونون النبالة الدينية في الاسلام لأنهم يؤكدون انتسابهم الى النبی )ص( ويدعون ميراثه ويستدلون بان السر الألهي انتقل اليهم مع دم النبي ، وبتوالى الاجيال ينقسم إلى ما لانهاية له ، وكل واحد من الشرفاء يعتبر حاملا لشرارة مقدر لها أن تضيء العالم ، ويتمتع بأفضلية اخلاقية على بقية البشر الجد الأعلى للإشراف هو ادريس بن عبد الله الكامل ، الذي يستمد أصله من الامام على بن ابي طالب ، الخليفة الرابع ، ومن فاطمة الزهراء بنت الرسول ، حتى يفلت من مطاردة العباسيين الذين قتلوا في المدينة الجزء الأكبر من اسرته التجأ إلى المغرب في مدينة وليلى حيث ارسی قواعد ملکه بفضل مساعدة بربر اوربة الذين اصهر فيهم ابنه ادريس الثانی نقل نشاط انصاره الى الساقية الحمراء وانشأفاس التي اصبحت عاصمة سلالته )السلاطين الأدارسة( تضاعفت سلالة ادريس في شمال أفريقيا ومنهم جاءت قبائل كثيرة في طرابلس الغرب ، يلاحظ من بينهم اشراف و دآن ومسلاته وساحل طرابلس وساحل الاحامد (الخمس).
انا المرابطون كانوا على راس المنحدرين من ادريس مثل الشرفاء او الحجاج الوافدين في نهاية القرن الرابع عشر ومابعده من الساقية الحمراء او من اسبانيا قرطبة( ، والذين بتضلعهم في العلوم الدينية ، واستغراقهم في الوحدة والتأمل ، وبطيب نفوسهم ، وعدم اهتمامهم المطلق بشئون الدنيا ، جرى تقديرهم والاعتقاد فيهم من قبل الأهالي الذين اختاروا الاقامة بينهم .
وانجرت عن مجيء المرابطين نتائج سياسية ، ودينية واجتماعية عميقة ليس من مهمة هذه المذكرة دراستها .
سيكون من المستحسن اعتبار انه بتغلغلهم في القبائل المضطهدة والمشتتة من طرف قبائل العرب المسيطرين أنداك فاسهموا بقوة في توحيدها وبعث الروح فيها وترسيخها على الأرض بتأن لايقاوم ، تقدم الاشراف والمرابطون من المغرب نحو المشرق ورفعوا حواجز تزيد في القوة دائما في وجه حدة التخريب الهلالية . من وجهة النظر الدينية فإن الاهداف الشيعية في علوم المرابطين ، تتناغم مع أهداف
الروح البربرية الميالة لتقديس الظواهر الطبيعية اكثر من عبادة الاله الواحد المتفرد ،وتمكنوا من هدايتهم الى الاسلام بعمق لم يستطع الفتح تحقيقه ، وجعلوا منهم دعاة متعصبين للعقيدة على قدم المساواة مع الفاتحين . من الناحية الاجتماعية اعطى المرابطون في النهاية الانتساب لتلك التجمعات التي
يغلب فيها الدم البربري والمؤلفة من سلالتهم التي اختلطت بابناء اتباعهم ومؤيديهم، تلك التجمعات التي ننعتها باسم »القبائل المرابطة« والتي يسميها سكان طرابلس الغرب في كل مكان غالبا بالاسم النوعي «الزوی» ، على اديم الصحراء حيث يوجد المرابطون ، الذين قادتهم يد القدر اليها ، وتوقف مجری حياتهم ، واراحوا رفاتهم ، تجمعت حولهم فروع القبائل المشتتة ، والأجزاء المتفرقة بفعل الأحداث ، هناك ايضا التجأ البسطاء ، والمحرومون ، والمتحمسون ، والغرباء ، والفقراء المساكين ، ومع الوقت انجذبت هذه العناصر المختلفة جدة الى مجمع حقیقی وحدهم من اجل الطريقة الدينية ، هذه القبائل العظيمة بالأخلاق الالهية المنبعثة من ضريح وليهم المبجل ، يدعي كل واحد انه ينحدر منه ، وهم يتوارثون اسمه من جيل الي جيل،
نحن نميز هذه القبائل المرابطة تبعا لما اذا كان حاميها )وليها( من الاشراف ام لا . من الأول )مرابطون اشراف( يوجد بطرابلس الغرب الفواتير )زليتن( ، اولاد بوسيف مزدة( المزاوغة )ترهونة( ، اولاد جربوع )الزاوية( وبعض أخر قليل من الثانية )مرابطون غير اشراف( الفرجان )ترهونة( ، القذاذفة " )سرت(، الغرارات )ساحل طرابلس( الجحاوات )الخمس( النطاطات )غريان( ، وكثير غيرها .توجد علاوة على ذلك جماعات مؤلفة من سلالات خدأم الأولياء )خدام أو عزيب( من الأمثلة عليهم عزيب النطاطات )غریان( وخدام الشيخ (زليتن) وبما قدمته القبائل المرابطة من خدمات للحكم العثماني الأول، وخصوصا الاشراف منهم، الذين يستمدون أصولهم من النبي ولايزالون يحظون بالاحترام الكبير بين الاهالى، جرى اعفاؤهم من الاعشار، واحيطوا بتقدير كبير. الانكشاريون الذين يفضلون تسميتهم في تونس والجزائر بالاسم الوطنی الرفقاء)، اما في طرابلس الغرب فقد تسموا في كثير من الحالات )حتى على الصعيد الرسمي باسم المرابطين . في فرمانات السلطان في الواقع، من بين القاب التشريف المختلفة الم منوحة لولاة طرابلس الغرب في ذلك العهد يلاحظ منها:
المختار من بين من تحلوا بالكمال والمرابطة .• يزيد العدد الإجمالي للافراد الذين يكونون قبائل الشرفاء والمرابطين في طرابلس الغرب باستثناء فزان) عن 110,000 (مائة الف وعشرة الاف) وتؤلف نسبة 24 بالمائة تقريبا
من اجمالي السكان
الكولوغلية من التركية قول اوغلى هم المنحدرون من اختلاط الانكشارية بالبربر الخاضعين الحكم العثماني وبالعبيد البيض )المماليك( المسيحيين الذين اسرهم فرسان
البحر الطرابلسيين
توجد في طرابلس الغرب مجموعات قوية من الكولوغلية في الزاوية، وطرابلس، وفي منطقتى المنشية وساحل طرابلس )حيث يكونون كامل السكان المسلمين تقريبا) وفي ساحل الخمس، في زليتن ومصراتة. توجد مجموعات صغيرة في جنزور والقصبات وغريان، علاوة على بعض الفروع الموزعة في مناطق اخرى مثل زوارة عددهم الاجمالي يبلغ 45 الفا (خمسة واربعين تقريبا ويؤلفون اكثر من 9 بالمائة من سكان طرابلس الغرب المعروفة بهذا الاسم )
باستثناء فزان يكون الزنوج اجزءا من السكان المسلمين، منحدرين من الرقيق السودانيين جاءوا او جلبوا الى طرابلس الغرب من العهود الضاربة في القدم وحتى أيامنا هذه، وذلك بفعل حركة القوافل التي لم تتوقف عن تجارة الرقيق الا من نصف قرن من الان فقط . هؤلاء الزنوج والمهجنين مع العرب والبربر من النادر ان يكونوا وحدة اجتماعية خاصة بهم، بل هم في الغالب مختلطين مع بقية السكان المسلمين . وفي الختام يجدر التذكير بوجود جماعات قويه من السكان اليهود في طرابلس الغرب )طرابلس، الزاوية، مسلاتة، غریان، يفرن، وجبل نفوسة في الأعم( وفي كل موقع له نوع من الأهمية التجارية توجد عائلات ومجموعات من اليهود يحترفون التجارة . اصلهم من المحتمل أن يكون مندمجا في السكان المحليين القدماء بالاقليم . ومن المحتمل أن يكون يهود العمروس (ساحل طرابلس)، وغريان، ويفرن، ينتمون الى نفوسة التي صنفها ابن خلدون بانها على الدين الاسرائيلي قبل حضور العرب. وفي عهود مختلفة جاءت مجموعات قوية من سورية ومن برقة ويمكن من مراكش ايضا )الادارسة بعد طرد العرب من اسبانيا في القرن التاسع