قبائل المرابطون في ليبيا

قبائل المرابطون في ليبيا

قبائل المرابطون في ليبيا
...................................
يرجع تواجد المرابطين في جنوب ليبيا إلى بدايات القرن التاسع الهجري عندما قدم الجد الأعلى لهم وهو (الحاج أبو محمد عبد الله بن الحاج محمد بن فضل بن عمر بن علي الجداوي السلمي الخزرجى الأنصاري) من منطقة جدة بالحجاز إلى جنوب ليبيا في منطقة فزان، وبالتحديد وادي الشاطىء، وفي المكان المسمى الآن مدينة براك الشاطىء، حيث نزل بإزاء نبع ماء جار، وأقام حوله وأخذ هذا المكان في النمو والتطور خاصة بعد أن سمح للنازلين الجدد حق استغلال ماء النبع في إنشاء مزارع خاصة بهم، وقد جعل هذا الحق وقفا جارياً.
ونتيجة لذلك لقب بـ (عبد الله سبال العين) لكونه جعل العين سبيلاً عاماً، وهكذا نمت القرية التي قامت على نبع الماء، وجعل فيها مسجدا وزاوية لتعليم القرآن الكريم، وتقديم العون للناس، وبعد وفاته دفن فيها وضريحه مشهور ولا يزال معروفاً إلى الآن بين الناس باعتباره أحد أولياء الله الصالحين، وفي ليبيا يطلق على الولي لقب المرابط، ومن هنا جاءت تسمية (المرابطون) التي اشتهر بها أحفاده، ودفن بناحية من أملاكه القديمة في زاوية براك الشاطيء وأمام أحد البساتين، وتسمى الزمالية، ولا زالت إلى يومنا هذا معروفة بمكانها وبالتحديد في سطر سيدي عبد الله.
أنجب عبد الله المذكور سبعاً من الأبناء كانوا هم الأساس لقبيلة المرابطين والتي يعرف أبناؤهم بهذا الاسم، وذلك حسب الوثائق التاريخية القديمة المتوفرة لدى أحفادهم، والروايات المتداولة والمنقولة مشافهة جيلاً بعد جيل عن الآباء والأجداد. وأبناء قبيلة المرابطين الأنصار يشكلون الآن مجموعة حضرية كبيرة في منطقة وادي الشاطىء بجنوب ليبيا، وينقسمون إلى خمسة أقسام حسب مكان إقامتهم بمنطقة وادي الشاطيء و قسمان آخران في مناطق أخرى من ليبيا: ــ
-1 قسم يقيم في مدينة براك الشاطيء وهم:ـ (العثامنة أي البرادنة)، (العلاونة)، (أبناء لجواد)، (أبناء القاضي الرشيد). ويقيمون حاليا بزاوية براك.
2- قسم يقيم في بلدة اقار الشاطيء وهم: أولاد سالم بن يوسف (السوالم)، (أولاد يوسف/الوسفي)، (أولاد أبي بكر البكور)، (العلاوي)، (الكداوي). وجدهم له ضريح مشهور بالبلدة وإلى جانبه مقبرة البلدة، وقسم كبير منهم يقيمون حاليا في مدينة طرابلس وسبها.
-3 قسم يقيم في بلدة اشكدة الشاطيء وهم: أولاد أبوبكر بن إسماعيل:ـ
أولاد الفقيه إسماعيل: أولاد حمد /أولاد محمد /أولاد طاهر.
أولاد قاسم:أولاد فضل/أولاد نور الدين .
أولاد محمد: أولاد الرشيد.
-4 قسم يقيم في بلدة دبدب وهم أولاد بلقاسم بن إسماعيل:ـ (أولاد الأخضري/أولاد يوسف).
-5 قسم يقيم في بلدة القرضة الشاطيء وهم:ـ (الفقهاء/أولاد عبد الواحد(.
-6 قسم آخر يقيم في منطقة أم الأرانب، وذلك حسب المعلومات المتوفرة لدينا، والتي نقلت مشافهة عبر أحد أبناء ذلك الفرع، ويسمون في بلدتهم باسم (الطواهرية).
-7 قسم آخر يقيم بسوق الجمعة بمدينة طرابلس ويعرفون بـ (أبناء فضل( .
وهذه التسميات المذكورة أعلاه هي التي يعرفون بها حالياً بين الناس في مناطقهم التي يقيمون بها في جنوب ليبيا أو في المناطق الأخرى.
وبالنظر لأسماء العائلات فان الكثير منها قد تغير حسب الفترات الزمنية التي عاش فيها أجدادهم، ومثال ذلك (العثامنة) فهم سموا بذلك نسبة لجدهم عثمان، ثم تغير الإسم إلى (البرادنة) بمرور الزمن، وذلك نسبة لجدهم بدر الدين، وحالياً يعرفون به، أو (أبناء بدر الدين)، وكذا الحال مع أسماء بقية اللحمات المكونة لقبيلة (المرابطون الأنصار)، وجميعهم يعرفون بأولاد فضل أو المرابطون علي اختلاف أماكن سكناهم ومرجعهم لنفس الجد الأول (سيدي عبد الله سبال العين)، ويشتهر (بالجداوي)، وأيضاً (صاحب زاوية براك) كما جاء في بعض الوثائق التاريخية القديمة، ويعود نسبهم للقبيلة العربية الأصيلة (الخزرج – الأنصار( .
حسب ما ورد في كتاب سكان ليبيا القسم الخاص بطرابلس الغرب: "أولاد فضل هم مرابطون من أصل عربي، وينحدرون من عبد الله سبال العين الوافد من جدة بالحجاز، ودفين براك، ومنهم الشعبة المعروفة بهذا الإسم في (براك واشكدة وآقار). والجدير بالذكر أنه قد أخبرنا أحد أبناء الأنصار بأنه عندما كانوا صغارا يقرأون القرآن في زاوية براك كان شيخهم -وهو كذلك من الأنصار- يخبرهم ويذكرهم دائما بأنهم من سلالة الأنصار، وأن جدهم قدم من الحجاز، وكان يذكر لهم عنواناً، ويحثهم على السؤال عن أهلهم والتواصل معهم يوماً ما.
ولا زال أبناؤهم وأحفادهم يحتفظون بالوثائق التاريخية القديمة التي تؤكد انتماؤهم لقبيلة الخزرج الأنصار، ويعتزون بذلك أيما اعتزاز، وأي فخر أكبر من ذلك، أن يكون انتماؤهم لهذه القبيلة العربية الأصيلة، والمعروفة بمواقفها المشرفة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ونصرتهم له ودعوتهم له للإقامة بينهم في صدر الدعوة وحمايتهم له، ولعل الأحاديث النبوية الشريفة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على المكانة الكبيرة التي شرفهم بها رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد قام الدكتور محمد الطاهر الجراري وهو أحد أبناء قبيلة المرابطين الأنصار، ويعمل باحثاً وأميناً لمركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية التابع لجامعة الفاتح، وهي من أقدم وأكبر الجامعات الليبية، بوضع شجرة للقبيلة مستنداً على الوثائق والمخطوطات التاريخية القديمة التي جمعها من فروع القبيلة، وهي من مراسلات تاريخية ووثائق أحباس قديمة ووثائق توزيع تركة .. إلخ. ونشرت في كتاب (وثائق دولة أولاد محمد بفزان/ المجلد الأول) جمع وتحقيق د/ حبيب وداعةالحسناوي ، وهذا الكتاب تناول بالبحث العديد من وثائق المرابطون الأنصار في وادي الشاطىء حيث كانت تربطهم بأولاد محمد علاقات طيبة، وكان لهم دور هام وبارز في إبرام معاهدة الصلح التي تمت بين السلطان محمد بن جهيم -أحد سلاطين دولة أولاد محمد- ومحمد باشا الساقزلي ممثل السلطة العثمانية في طرابلس (1632 - 1649م)، والتي استقر الحكم بموجبها لدولة أولاد محمد في منطقة فزان، والتي استمرت لحوالي ثلاثة قرون منذ أواخر القرن15م، وقد ورد ما كان في ذلك الاتفاق في كتاب (تاريخ فزان) جمع مادته: مصطفى خوجة، وهو من منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية.
استفاد أولاد محمد من خدمات المرابطين كقضاة وقادة مناطق ومقدمين وأئمة مساجد وكتبة وأمناء مال ووكلاء شرعيين، مما أعطاهم نفوذا سياسيا واقتصاديا وأدبيا، وأصبحوا يشكلون فئة اجتماعية هامة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، وقد برز العديد من أبناء المرابطين الأنصار في عدة مجالات، وكان لهم دورا مهما في إثراء الحياة العلمية في منطقة فزان، خاصة وأنه كان العديد منهم من حفظة كتاب الله العزيز القرآن الكريم، نذكر منهم على سبيل المثال:
-1 المرابط عبد النور بن الحاج عبد الرحيم بن الحاج عبد الصمد بن عثمان، والذي كان له دور بارز في إتمام معاهدة الصلح بين السلطة العثمانية في طرابلس وحكام أولاد محمد.
-2 القاضي محمد الرشيد بن محمد الرشيد، الذي عمل قاضياً ببلدان الشاطيء لفترة من الزمن، وكانت تتلقاها أسرته واحداً تلو الآخر، حتى لقبت عائلتهم بعائلة القاضي الرشيد.
-3 الشيخ الفقيه محمد بن عبد الواحد بن البشير، الذي عمل مفتيا لقضاء الشاطيء وخطيب جامع براك المحروسة.
-4 المرابط الشيخ علي الزيداني بن محمد بن عبد الله بدر الدين، الذي عمل شيخاً لمشايخ براك بمحلاتها الأربع.
-5 العالم الشيخ محمد البشير بن علي بن محمد بن أبي بكر، الذي ذاع صيته كعالم وفقيه في مناطق الجنوب والشمال الليبي، وفي بعض مناطق المغرب العربي.
الشيخ الفقيه المعلم محمد بن علي بن عمرين عبد القادر بن عمر بن عبد الدايم بن عبد الواحد بن يحمد الأنصاري، والذي كان معلماً ومخرجاً للكثيرين من حفظة القرآن الكريم.
وقد تم جمع هذه المعلومات بناءً على الوثائق التاريخية القديمة المحفوظة لدى أبناء المرابطين الأنصار، على اختلاف فروعهم، بعد اطلاعنا عليها والتأكد من رجوعنا جميعا للجد الأعلى (سيدي عبد الله سبال العين)، وأيضاً على المعلومات المنقولة مشافهة جيلاً بعد جيل من بعض الأسر المرابطية.
المصادر
.. سكان ليبيا القسم الخاص بطرابلس الغرب، هنريكو دي أوغسطيني.
..معجم القبائل الليبية،للطاهر الزاوي
...معجم سكان ليبيا.لخليفة التلي