صلة العرب (بالساميين)

صلة العرب (بالساميين)

صلة العرب (بالساميين)
الشعب العربي هو الشعب الذي قطن شبه جزيرة العرب منذ القرون الموغلة في القدم، والتي لا ندرك مداها البعيد. وقد اصطلح العلماء على اعتبار هذا الشعب من الشعوب (السامية) التي كونت سكان الشرق الأوسط منذ أن عرف الماضي التاريخي لهذه المنطقة.
لقد لاحظ علماء اللغات أن صفات مشتركة تطبع هذه الشعوب بطابعها، فهي تشترك في كثير من نظمها السياسية وتقاليدها الاجتماعية وخصائصها اللغوية، وأوجه الشبه ظاهرة بين اللغات التي يتكلم بها أفرادها، وهي اللغات: العربية والعبرية والسريانية والآشورية والبابلية والكنعانية والآرامية والحبشية والنبطية ولهجات اليمن الجنوبية، فذهبوا إلى أن هذه اللغات تؤلف أسرة واحدة باعتبار أنها تشترك أو تتقارب في جذور الأفعال وتصاريفها، وفي أصول المفردات والضمائر والكلمات التي تدل على القرابة الدموية، وفي أسماء أعضاء الجسم والأعداد1، وبخاصة في تلك الصفة المهمة التي تتميز بها مجموعة اللغات السامية، وهي كون أفعالها مؤلفة من أصول ثلاثية الحروف على الأغلب، وأن الاشتقاق لا يتم بتغيير حروفها، بل بتغيير الحركات في داخل الكلمة الواحدة. مثال ذلك -في اللغة العربية- فعل قَتَلَ وهو أصل يتضمن معنى القتل، فبتغيير الحركات في حروفه تحصل مشتقات عدة أفعال أو أسماء أو نعوت "قَتَلَ، قَتْل، قِتْل، قُتُل" وقد تمد إحدى الحركات فيحصل "قاتل، قتيل، قتول، قتال ... إلخ" فإنه بمجرد تغيير الحركات في وسط الكلمة يتغير المعنى2. يضاف إلى ذلك أن ليس في اللغات السامية
ما نراه في اللغات الآرية من إدغام كلمة بأخرى لتصبحا كلمة واحدة تدل على معنى مركب.
وقد استنتج العلماء من ذلك، ولا سيما من تشابه الشعوب التي تتكلم هذه اللغات في عاداتها وتقاليدها الاجتماعية وفي طراز معيشتها وطقوسها الدينية، وفي التعابير التي تدل على التنظيم السياسي والاجتماعي والديني عندها، بأنها تؤلف مجموعة واحدة، وأن ثمة وحدة مشتركة تجمع شملها وتنظمها في أصل واحدة قالوا: إنه الأصل السامي نسبة إلى سام بن نوح، فصارت تعرف باسم الشعوب السامية، واللغات التي تتكلم بها باسم اللغات السامية، بعد أن كان يطلق عليها اسم اللغات الشرقية, كما أطلقوا على اللغة الأم التي انبثقت عنها اسم "اللغة السامية الأم". لكنهم اختلفوا في أيها تكون اللغة الأم، فقال بعضهم بأنها اللغة العبرية وآخرون بأنها السريانية وجماعة أخرى بأنها اللغة العربية. غير أن المستشرقين رأوا في النهاية أن ذلك ضرب من العبث؛ ذلك أن اللغات السامية الباقية إنما هي حصيلة سلسلة من التطورات لا تحصى، مرت بها كل لغة من هذه اللغات حتى وصلت إلى حالتها الحاضرة؛ فأصبحت مزيج لغات ولهجات متفرعة عن لغة محكية زالت من الوجود وانقرضت2. غير أن لجورحي زيدان رأيًّا في اللغة العربية إذ يقول في كتابه "طبقات الأمم، ص42": إن اللغة العربية هي أسمى اللغات السامية, ومعرفتها ضرورية لإتقان أخواتها.
ظهرت التسمية للمرة الأولى عام 1781م في دراسة قام بها المستشرق النمساوي "شلوزر SCHLOZER" وقد أخذها عن التوراة، ذلك أن التوراة يرجع الخليقة إلى آدم وذريته، ومنهم سام وحام ويافث أولاد نوح، مبينًا أن البشر كانوا على لسان واحد ثم تفرقت الألسن بتفرق أنسال هؤلاء الأبناء على مختلف المناطق في العالم "من هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم، كل إنسان كلسانه، حسب قبائلهم بأممهم"3. وقد حدد
1 إسرائيل ولفنسون: اللغات السامية، ص14-15 "راجع محمد عزة دروزة: تاريخ الجنس العربي، 1/ 12".
2 الدكتور جواد علي: 1/ 167.
3 سفر التكوين: الإصحاح 10 "وبحسب التوراة تنقسم شعوب العالم إلى ثلاثة: الساميون، الحاميون، واليافثيون أي: الآريون