ماسينيسا الخائن

ماسينيسا الخائن

قبل الحديث عن شخصية ماسينيسا يجب ان اشير الي طريقة انتقال الملك عند البربر خاصة الماسيل و التي تتمثل في ملكية الشخص الاكبر من نفس الجد فمثلا لو توفى الملك وكان له ابن صغير واخ كبير سينتقل الملك للاخ لانه الاكبر وهكذا...

هذا النظام فيه نوع من الرداءة، فالحكم يعود غالبا لشيخ كبير هرم ينافسه طموح الشباب ولهذا كانوا يتنازلون عن الحكم احيانا لاقربائهم. وكانت حدود ماسيليا تمند من قيرطة على الحدود مع قرطاجة اليي سيغا siga (عين تموشمت) مملكة ماسيسيليا شرقا وعموما كانت تغطي الشرق الجزائري وغرب تونس لكن في عهد ماسينيسا ستتوسع بشكل كبير جدا وتسيطر على ماسيسيليا مملكة سيفاكس ويعتبر ايلماس اول ملك لها والملك يحمل اسم اقليد.

عموما ساد النظام الوراثي وسنذكر اليوم مؤسس مملكة نوميديا Numidia

ماسينيسا

——————-

ولد سنة 238ق.م وتوفى 148ق. م عن عمر يناهز 90 وهذا ماذهب اليه بولوبيوس و ديودور الصقلي ايضا، ينقسم اسمه حسب مارسيي الى شقين (ماسي) و ( اناس) Massi ويعني بالبربرية (سيد) وهذا الاسم لايزال حتى اليوم، والشق الثاني (اناس) ويعني الناس وهكذا يصبح المعنى الاجمالي سيد الناس واذا كان هذا التفسير صحيحا فنحن نلاحظ مدى تقارب كلمة اناس مع كلمة الناس في اللغة العربية ويمكن ان تكون مأخوذة. من اللغة البونيقية باعتبارها لغة سامية مثل العربية.

كان والده Gaya حليفا للقرطاجيين ارسله للتعلم في قرطاجة، عند اندلاع الحروب البونيقية2 (218_ 201ق.م) قدم لهم سندا كبيرا خاصة في اسبانيا بقيادة هملكار والد حنبعل حيث ارسل ابنه ماسينيسا لمساندته هناك وبعد وفات غايا 206ق.م لم يخلفه ابنه ماسينيسا لأنه كان صغيرا (30سنة فقط) ولكن الحكم انتقل الى اخ غايا اوزلاسيس وهو شيخ كبير لكنه توفى بعد شهور فقط من حكمه وبهذا خلفه ابنه كابوسا capusa ولكن قد ظهر متمرد اخر اسمه مازوتيل Mazutil يدعي شرعية الحكم فتمكن من اسقاط كابوسا وتعيين اخو كابوسة الاصغر لاكومازيس Lacumazes لكن تحت وصايته.

حين عاد ماسينيسا من اسبانيا التي بقي فيها من 211الى 206 ق. م وبدأ ينادي بحقه في العرش وبهذا فان قرطاجة التي كان حليفا لها لم تتدخل ولم تساعده على استرجاع حقه وبقيت تتفرج من بعيد، بل وافقت على الحاكم الصغير الجديد باعتباره اقل طموحا من ماسينيسا ولكن ماسينيسا سينتصر على مازوتيل ويهرب لقرطاجة كما سيهادن ابن عمه الصغير لوكامسز حتى لا يكثر اعداءه وهنا سيستولى سيفاكس على اغلب اراضي ماسيليا.

يجب ان نشير ان ماسينيسا كانت خطيبته سوفينسبة ابنة اصدربعل قائد قرطاجي ولكنها في الاخير تزوجت من سيفاكس وحسب المؤرخ ابيان Apien فان مجلس الشيوخ هو من زوجهما لتوطيد العلاقة. بينهما كحليف قوي وبالتالي نشأ عداء كبير بين ماسينيسا وقرطاجة،

ولهذا فقد تحالف مع الرومان بقيادة سكيبيو بعدما كان عدوا لها وفي 204ق.م دعم جيش الرومان في الحروب البونيقية 2 ضد حنبعل.

بعد انتهاء الحرب بانتصار الرومان وخسارة قرطاجة استولى ماسينيسا على اراضي سيفاكس ماسيسيليا وهناك من يقول استرجعها لانها في الاصل لاجداده لكن سيفاكس توسع على حسابها

استغل ماسينيسا البند الاول من معاهدة زاما 202 ق. م بين رَوما وقرطاج والذي ينص علي ان قرطاجة تترك كل الاراضي المجاورة ماعدا قرطاجة وايضا استغل البند الخامس والذي يقول ان ماسينيسا بامكانه استرداد اراضي اجداده وتجدر الاشارة ان ماسينيسا لم ينادي بالاراضي منذ

(201 حتى 195 ق. م) والسبب في ذلك انه من الممكن خوفه من حنبعل الذي بقي شفطا اي حاكما على قرطاجة وبعد هروب 195ق.م تغيرت الاوضاع.

اسس Massinisa ماسينيسا مملكته نوميديا وجعل قيرطة ( قسنطينة حاليا) عاصمة له وقد كان يعتبر من اعظم ملوك البربر واكثرهم شأنا كما نظم جيشا واسس اسطولا واعتمد اللغة البونيقية القرطاجية وايضا المعمار الفينيقي بل اقتبس عنهم حتى في تنظيم الادارة نظرا لانه تعلم في قرطاجة واكثر من ذلك فأن قيرطة هي المدينة التي وجد بها اكثر الاثار الفينيقية (القرطاجية) بعد قرطاجة اكما اهتم ماسينيسا بالزراعة ويذكر استرابو ان ماسينيسا من كثرة اهتمامه بالزراعة حتى انه حول الرعات الى مزارعين وقد قام بصك عملته الخاصة.

ولما جاءت الحرب البونية الثالثة ( 149_146ق.م) كان طرفا مهما فيها فبسبب توسعاته الكثيرة ولا يسعني ذكرها ختى اختصر وباختصار وقعت الحرب بسبب توساعته حيث كانت قرطاجة لا تستطيع ان تقوم بحرب الا بأذن روما حيث انتهز ماسينيسا هذه الفرصة( بند 1 و 5 من بنود معاهد زاما 202ق.م ذكرناهما سابقا ) ولكن قرطاجة رفضت ذلك وقامت بمحاربته بعدما ارادت روما ان تقسم بينهما الارض تحت حمايتها وهذا ما اغضب الرومان اذ وجدو ذريعة لاحتلال قرطاجة حيث كان يؤكد القنصل الروماني الذي ارسل سنة 155 لايجاد حل بين ماسينيسا وقرطاجة التي راسلت مجلس السيناتو حول ذلك ولما جاء Cato كاتو اكد على اهمية القضاء عل قرطاجة ويقول في كل مرة delenda Carthage اي دمروا قرطاجة نظرا لما اصبحت عليه اذ استرجعت قوتها ونشاطها وبالتالي تشكل خطر على الرومان فاندلعت الحرب البونيقية الثالثة وانتهت قرطاجة 146 ق. م ومع سقوطها بدأ الاحتلال الروماني للمنطقة. سجب ان اذكر ان وفات ماسينيساكانت في 148ق.م عن عمر 90 اي قبل الاحتلال الروماني الكامل للمنطقة لان كل الدلئل تبين ان روما كانت تدعم ماسينيسا للتوسع وليس للاحتلال لكن هذا ما حدث خاصة بعدما نشأ صراع داخل الاسرة ااحاكمة بعد وفات واادهم ماسينيسا اذ ترك 3ابناء خلفا له مسيبسا micipsa وغولوسا Gulusa ومستنبعل Mastanbal اشرف القائد الروماني سكيبسو ايميليوس على تقسيم الورث بينهم واستطاع مسيبسا ان يستولى على العرش لكن بوصاية رومانية.

هناك بعض الدراسات تقول ان ماسينسا هو من تسبب في احتلال منطقة المغرب فلولا مساعدته لما انتصرت روما في الحرب وانه خائن وحتى مملكته كانت تابعة فقط لحكم الروم وصراحة لا يمكننا الحكم على موقفه فلكل حدث اسباب ولكل موقف ظروف فتدعيمه لروما لم يكن من فراغ وانما كان بسب عدم وقوف قرطاجة معه في اعتلاء العرش وفي المقابل ساعده سكيبيو الروماني ولاننسى حجم العداء بسن ماسينيسا وروما في البداية اذ حاربهم في اسبانيا لمدة 5سنوات كاملة

(211_ 206ق.م) ثم اصبح حليفا لهم وهذا يبين ان كل الاطراف تسعى لمصالحها.

في الحقيقة سياسة روما كانت واضحة لكن ماسينيسا ايضا كان يريد ان يتزعم المنطقة ولهذا لا يمكن اتهامه لا بالخيانة او حتى تعظيمه في المقابل، فالحتمية التاريخية هي من تفرض نفسها.