الشارف الغرياني و الرضا السنوسي

الشارف الغرياني و الرضا السنوسي

شعر أتيليو تيروتسي (حاكم مستعمرة برقة) بالتمزق أكثر فأكثر بين هوية المدنية الجديدة و بين هوية الجندي الاستعماري القديم. كلما زادت سرعة وتيرة الحياة في بنغازي، زاد قلق سكانها من الحرب، الأمر الذي سيضر بالتجارة و يضر بالعلاقات مع العرب و لا يحقق أي شيء دائم. و كلما زاد اتصاله بأعيان المدينة العربية، زاد معرفته بأن شقيق إدريس، الرضا، الذي أصبح الآن نائبه في برقة، سيكون على استعداد للخضوع للإيطاليين ما إذا فتحوا معه قنوات. و بدعم من الرضا، ستنضم قبائل المغاربة و العواقير للرتل الإيطالي المتجه جنوبًا. إذا تمكن من إبرام هذه الصفقة، فإن ليبيا كلها ستخطوا خطوة كبيرة أقرب إلى التهدئة. كان يثبت قيادته الذكية للشؤون الاستعمارية و إسكات الرافضين. كان التوقيت حرجًا. حوالي شهر اكتوبر و كان الرضا في جالو. و قد اتصل الشارف الغرياني، شخصية بنغازي البارزة، بالرجل الذكي عبد العزيز العيساوي الزنتاني، وزير الخارجية الفعلي للمهدي، والد إدريس و الرضا. حيث سيلعب دور الوسيط. على قناعة تامة بأن الرضا كان مقتنعا بالحضور الي بنغازي ، استضافه الغرياني، و تمشيا مع رتبته العالية، في فيلته خارج بنغازي أثناء تفاوضهم على الهدنة النهائية. و بحلول أواخر أكتوبر، كان المسن (العيساوي )قد وصل بخطاب من الرضا. بعد التشاور مع لويجى فيديرزونى (وزير المستعمرات)، أعاد تيروتسي العيساوي مرة أخرى حاملاً رسالة أخرى، والتي غادرت ميمونة في 16 نوفمبر. عند عودة العيساوي في 22 ديسمبر كانت هيبة الحكومة في أعلى مستوياتها على الإطلاق. و وصف الرضا تيروتسي بأنه "رفيع" و أعلن عن "إيمانه المطلق بكلمته المخلصة و ترتيب الحكومة لضمان شرفنا". و بحلول ذلك الوقت، كان قد بدأ بالفعل في التحرك، فوق جمله الي اجدابيا.

في وقت متأخر من يوم رأس السنة الجديدة، كان تيروتزي مبتهجًا. وصل الرضا إلى أجدابيا لإبرام الهدنة. برق الي موسوليني برقية مكونة من أربعة عشر سطرًا، جوهرها: "انتهت اربع سنوات من تمرد زعيم السنوسية." في اليوم التالي، راسله فيديرزونى. بأن كان عليه أن يضع الرضا قيد الاعتقال. جادل تيروتسي ضده ولكن دون جدوى. بعد أسبوع واحد، تم تكبيل الرضا مع المسن العيساوي، وانطلق الرضا إلى صقلية في منفى جزيرة أوستيكا، بعد ان سلم خنجره المرصع بالجواهر، و رمز قيادته الي مضيفه الغرياني. غضب البناغزة من خرق الحكومة للثقة. و اضطر تيروزي على التذلل. كان لديه في ضميره ليس فقط الرضا و لكن أيضا العيساوي، الذي كاتبه في 3-10 مارس 1928 مطالبا تيروتسي بإطلاق سراحه قبل وفاته من البرد، مذكرا اياه بأنه سافر ذهابا و إيابا عبر الصحراء لمدة ستة أشهر "بأوامر عالية"، "بأيد نقية و قلب صادق"، و انه يريد "اشادة منه، و ليس تعويض".

الصورة: تيروتسي و موسوليني

الشارف الغرياني