الهجوم الغادر لرمضان السويحلي علي بني وليد

الهجوم الغادر لرمضان السويحلي علي بني وليد

الهجوم الغادر لرمضان السويحلي
علي بني وليد
(النهاية)
………….
كانت صبيحة يوم عيد الأضحى، في ذلك اليوم المقدس، سالت دماء الأخوة، واستبدلوا العناق بالرصاص، كان هذا العيد يوماً فارقاً في تاريخ ليبيا، وشكل منعرجاً خطيراً في خط سير حركة الجهاد في ليبيا بعد هذه المعركة.
فقد وصل جيش رمضان الي بني وليد وكانت خاليةً من أهلها، فبعضهم كان منشغلاً بعيده، فيما كان البعض الآخر مرابطاً في وادي تماسلة ينتظر هجوم رمضان، ولكنه قام بالتفاف غير متوقع، لكن هذا الالتفاف هو ما جر على جيشه هزيمة كبيرة، وسارع بانكسار جنوده واستسلامهم، فبرغم العتاد والتسليح الكبير، فقد وصلوا وقد خارت قواهم ووهنت عزائمهم ونال منهم العطش مبلغاً كبيراً، حتى إن بعضهم قدموا بنادقهم للنساء مقابل شربة ماء.
يقول الجنرال جراتسياني حول المعركة:
" وفي يوم 24 أغسطس انقض رجال محلته (أي رمضان) البالغ عددهم الفي رجل فجأة على بني وليد، التي يقوم على حراستها نفر قليل من أتباع عبدالنبي المسلحين واستولوا عليها، ومع هذا فقد كان رد أهالي ورفلة على هذا العمل سريعاً وحاسماً، فقد كانت الآبار كلها باقية تحت أيديهم، ومن جهة أخرى كان رجال رمضان قد خارت قواهم من التعب والعطش وكانت الورقة الرابحة في أيدي المدافعين، ونشب قتال غاية في الشدة والعنف وأبيدت قوات رمضان عن بكرة أبيها وأستسلم شخصياً ذلك الرجل الذي يعد من أكبر خصوم ايطاليا وأكبرهم تجبراً".
كان جيش رمضان مقسماً الى قوتين الأولى بقيادته وهي التى هاجمت بني وليد، وكانت الثانية بقيادة أخيه احمد السويحلي والتي انطلقت من تاورغا باتجاه سوف الجين الذي كان يعسكر فيه عبدالقادر المنتصر الذي التف حوله مجموعه من المعارضين لعبدالنبي بلخير ومجموعه أخرى من المعارضين لرمضان وكانت يساهم بقوته في الإغارة على أرزاق رمضان وأتباعه من حين لآخر، ودلك نتيجةً للعداء الذي كان بينهما بسبب قتل رمضان لأبي القاسم المنتصر ، وكانت الهزيمة لقوات عبدالقادر المنتصر واضطر للانسحاب الى مركز بني وليد
أما رمضان فكان وصولة الى بني وليد 24 أغسطس 1920 واحتل المدينة وكان عبدالنبي في ذلك الوقت نائماً في القصر فيما يتفرق الاهالى هنا وهناك للأسباب سالفة الذكر في بداية هذا المقال ، وقام رجال رمضان بالدخول على عبدالنبي بلخير في قلعته، وتختلف الروايات في طريقة تمكنهم من المرور الى حيت كان عبدالنبي ينام، في محاولة لاعتقاله ولكن عبدالنبي استطاع النجاة من الموقف بفضل حكمته، وأنتبه لما كان يحدث واستطاع تنبيه الحراس وأطلق بعض السجناء وقام بتسليحهم و بدأ إطلاق النار من القلعة، وما لبث أن سمع الاهالى إطلاق النار وتنادوا من كل مكان وبدأ القتال وأستمر حتى مساء ذلك اليوم، وبسيطرة أهالي ورفلة على جميع الآبار لم يكن بإمكان جيش السويحلي المقاومة، وما لبثوا أن استسلموا فرادى وجماعات، وكان آخرهم رمضان السويحلي نفسه حيت ذهب لمنزل الهادي بن يونس وقام بتسليم نفسه.
يقول جراتسياني حول الحادثة:
" كان عبدالنبي بلخير ينام ناعم البال، في صباح 24 أغسطس في عشه الموحش، عندما فوجئ بتلاتة من رجال رمضان المسلحين دخلوا خلسة حتى غرفه نومه ودعوه باسم زعيمهم أن يتبعهم لمقابلتة حيت هو.
ولما كان بلخير وأسع الحيلة كثير الدهاء رابط الجأش فإنه لم يفقد شجاعته وتظاهر بارتداء ملابسة ببط نزولاً عند أمرهم، ولكنه أبدى إِشارة متفق عليها وسرعان ما قاموا رجاله ودخلوا الغرفة فجأة ونزعوا السلاح من أيدي رجال رمضان وقتلوهم
وكان رمضان يظن أنه إذا وقع في الأسر فإن عائلة بن يونس سوف تقوم بحمايته بسبب الانقسامات داخل ورفلة، حسبما كان يتوقع قبل هجومه عليها، والدي حدث هو العكس بأن إتحدث قوات ورفلة ضده. حيت دهب الهادي بن يونس الى عبدالنبي بلخير وكان معه أعيان ورفلة داخل قصر بني وليد وأخبره بأن رمضان بين أيديهم
كتب المرزوقي حول استسلام رمضان :
"وفي صباح عيد الأضحى 10 دي الحجة 1338 هـ والموافق 24 أغسطس 1920 قرر رمضان الاستسلام وأرسل ورقة تحمل هذه الكلمة بخطه:
( عزيزي عبدالنبي، العفو عند المقدرة من شيم الكرام)
وأبى أن يستسلم إلا لاحد الاثنين:
الشيخ سعد بن عطية أو الشيخ الهادي بن يونس، فأرسل إليه عبدالنبي الهادي بن يونس ومسعود العريبي وسلم لهما سلاحه وأمر ضباطه بالاستسلام.
ويذكر الرواة أن الهادي بن يونس قد البسه برنوصاً ليخفيه عن المقاتلين، وسار به في طريق القصر حيت يوجد عبدالنبي بلخير، لكن الحماة استرابوا في أمره فاقتربوا من صاحب البرنوص فعرفوه وصاحوا:
- أما والله لو وصل لعبدالنبي ما قتلة، والله لا نجا منا هذا الذي أفسد عيد المسلمين وأطلقوا عليه الرصاص."
وصلت أنباء المعركة الى ترهونة فنادى عبدالسلام المريض في قومه وكان مريضاً وقال لهم:
(إن السويحلي إذا تغدى بعبدالنبي، فإنه سيتعشى بترهونة)
وأمر بضرب الطبول وركوب الخيل نجدة الى ورفلة، ولما وصلت النجدة الى وادي دربوك في الحدود بين ترهونة وبني وليد وصلها الشيخ سعد بن عطية يخبرهم بموت رمضان وانكسار جيشه.
ويحدثنا احمد زارم عن وفاء ترهونة بعهدها بنصرة بني وليد في حال هجوم السويحلي وهذا نص الحديث الذي أورده بين عبدالنبي وأعيان ترهونة:
"حينما جاءني وفدكم قلت لكم في شخصه: لقد جئتموني يا ترهونة وها أنا قد حضرت. وسواءً جاء رمضان أم لم يأتي( يقصد هنا مجيئه الي مجلس الصلح في ترهونة) فإنني أعتقد بأنه سوف يهاجمني فما موقفكم بيننا؟ فأجابوه: فادا جاء رمضان وأصلح الله الحال فذلك ما نبغي، وادا أمتنع عن الحضور ورفض الصلح وهاجمك فنحن معك.
وفي 24 أغسطس من سنة 1920 هاجم رمضان السويحلي ورفله، وبلغ خبر الهجوم ترهونة، فضرب الطبل في أرجائها، وتجمع بسرعة حوالي 4000 مسلح، وانطلقوا في اتجاه بني وليد، وفي الطريق التقى بهم وفد مرسل من ورفله، أعلمهم بأن رمضان قد انتهى أمره، وعليه فلا داعي لزيادة التعب".
قام عبدالقادر المنتصر بقطع رأس السويحلي وأنطلق قاصداً طرابلس، ولكن عبدالنبي بلخير أمر فرساناً أن يلحقوا به ويرجعوا الرأس، وعلى رأسهم الطاهر جلغم، ولحقوا به في وادي دينار وأعادوا الرأس الى بني وليد.
قام أهالي ورفله بالعفو عن كل المقاتلين في جيش رمضان الذين استسلموا بعد نهاية المعركة واكتفى عبدالنبي بلخير بالاحتفاظ بالضباط وعلى رأسهم القومندان محمد شرف الدين هويدي.
وهكذا كانت نهاية رمضان السويحلي الذي شجعته الحكومة الإيطالية على هلاك نفسه بالهجوم على ديار الأشقاء في يوم عيد الأضحى المبارك بتشجيع منها
وهنا أنقل لكم ما قاله الجنرال جراتسياني عن رمضان السويحلي وعن واقعة قتله :
"لم يكن هذا الرجل قد نال أي قسط من الثقافة، ولكنه كان حاضر الدهن سريع البديهة إلا أن ذكائه كان مشوباً بسوء النية، كما كان سئ الخلق مدمناً على تعاطي الخمور. ولكنه ارتفع بعد دلك الانحطاط السريع ووصل الى مركز خطير بفضل جرأته وتعصبه ومساعده الحظ له، وكان الألمان والأتراك أفضل دعامة من دعائم قوته وسلطته.